تشهد مختلف جامعات القطر الوطني منذ أيّام سلسلة من الاحتجاجات على الظروف البيداغوجية السيّئة التي يعاني منها الطلبة، لتزيد تصريحات الوزيرة بن غبريط القاضية بحرمانهم من التوظيف في سلك التعليم من احتقانهم، وها هم يدخلون في جملة إضرابات مفتوحة فيما يشبه (أسبوع غضب) سيعمّق دون شكّ جراح الجامعة الجزائرية التي تعاني في ذيل ترتيب مختلف التصنيفات العالمية وحتى الإقليمية للجامعات. أكّدت مصادر نقابية ل (أخبار اليوم) أن تصريحات الوزيرة بن غبريط القاضية بحرمان طلبة الليسانس من التوظيف في سلك التعليم خلّفت حالة من الاحتقان والغضب في صفوف الطلبة والمنظّمات الطلاّبية التي تنوي جعل الأسبوع الجاري (أسبوع غضب) شامل في الجامعات الجزائرية التي تعاني مشاكل بيداغوجية وأمنية وتنظيمية لا تعدّ ولا تحصى أضافت إليها بن غبريط مخاوف على المصير المهني للطلبة. ولم يشفع البيان التوضيحي الذي أصدره وزير التعليم العالي والبحث العلمي في وقف احتقان الطلبة، حيث اعتبره ذات المصدر ذرّا للرماد في العيون وتحرّكا في الوقت بدل الضائع، معتبرا أن المعطيات التي بحوزته تؤكّد مواصلة الطلبة لإضرابهم إلى غاية تجشيد مطالبهم البيداغوجية على أرض الواقع وحماية الشهادة الجامعية الجزائرية من التلاعبات التي تشهدها مختلف قطاعات سوق العمل. هذا، وأكّد بيان مباركي الذي أصدره أمس أن الطلبة أساءوا فهم قرار الوزيرة، موضّحا أن الأخيرة أصدرت بيانا نقلته التلفزة الوطنية أوضحت فيه أن تصريحها فهم خطأ، وأن كلامها يتعلّق بالتكوين البيداغوجي للأساتذة في المستقبل، وكذا دور المدارس العليا للأساتذة وليس حصر التوظيف في خرّيجي هذه المدارس فقط. معضلة أل.أم.دي لم تجد حلاّ منذ 10 سنوات! ما تزال قضية نظام (أل.أم.دي) تثير الكثير من الجدل رغم مرور عشر سنوات على تبنّي هذا النظام، وفي السياق واصل طلبة نظام (ليسانس، ماستر، دكتوراه) احتجاجاتهم التي شرعوا فيها أوّل أمس وقرّروا إبقاءها مفتوحة رغم اللقاء الذي جمع ممثّليهم مع وزير التعليم العالي محمد مباركي، وقدّروا نسبة الاستجابة ب 80 بالمائة على المستوى الوطني. وحسب الأمين العام لمنظّمة الطلبة الجزائريين فارس بن جغلولي فإن الحركة شارك فيها أغلب الطلبة الذين رفعوا الكثير من المطالب في كلّ من باتنة، عنابة، وهران، سيدي بلعباس، بشار، الجلفة، المدية، خميس مليانة وغيرها من الجامعات على المستوى الوطني. ورفع المحتجّون مطالب تتمثّل في معالجة مشكل تأطير مذكّرات التخرّج وفصل مهنة الأستاذ عن الإدارة ورفع تقارير موضوعية عن ظاهرة الرسوب في بعض الجامعات والتخصّصات وإدراج عملية تقييم الأستاذ من خلاله استدعائه في حال سجّلت نسبة رسوب مرتفعة حتى لا يصبّ اللّوم كلّه على الطالب. وقال بن جغولي إن اللّقاء الذي جمعهم بالوزارة الوصية ليس كافيا لوقف الاحتجاج على اعتبار أن الطلبة يبحثون عن حلول واقعية وميدانية، وأضاف أن الوزير وعد بإعطاء تعليمات إلى رؤساء الجامعات من أجل فتح باب الحوار مع جميع التنظيمات الطلابية المعتمدة، في حين اِلتحقت مختلف الكلّيات والمعاهد وجامعات الجزائر (1.2.3) بالإضراب الوطني الذي دعا إليه اتحاد الطلبة الجزائريين تنديدا بالتهميش الذي طالهم بسبب عدم مطابقة شهادة التخرّج الخاصّة بالنظام القديم مع شهادات النظام الجديد وعدم ملاءمة شهادة النظام الجديد مع توظيف كلّ القطاعات، حسب ما تناقلته مصادر إعلامية متطابقة أمس. تصريحات بن غبريط تشلّ الجامعات دخل طلاّب أقسام التاريخ وعلم المكتبات والفلسفة بجامعة الجزائر 2 (بوزريعة سابقا)، وكذلك طلاّب اللّغة العربية بالجامعة ذاتها في مقرّها المركزي وسط العاصمة في إضراب مفتوح احتجاجا على قرار وزيرة التربية الذي أعلنت فيه أن التوظيف في قطاع التعليم مقتصر سوى على خرّيجي المدارس العليا دون غيرهم، وهو ما اعتبروه الطلاّب سلبا لحقّهم في التوظيف في قطاع التعليم. وصعّد الطلاّب لهجتهم في شكل مسيرة داخل جامعة الجزائر2 ببوزريعة وصلت إلى رئاسة الجامعة، مطالبين بتراجع الوزيرة عن قرارها وإضافة المقاييس الغير مدرجة في برنامجهم كما هو مدرج في المدرسة العليا، وكذا تراجع الوزيرة عن قرارها. نفس السيناريو تعيشه كلّ من جامعات سطيف، برج بوعريريج، المسيلة، جيجل وبسكرة، والتي دخلت في إضراب عامّ أغلق فيه الطلبة المداخل الرئيسية للجامعات المذكورة احتجاجا على خرجة الوزيرة بن غبريط التي أكّدت حرمانهم من التوظيف في سلك التربية، وهو القرّار الذي خلّف موجة استياء عارمة لدى الطلبة، واصفين إيّاه بالعشوائي والارتجالي. يحدث هذا في وقت سحبت فيه وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط أقوالها السابقة، وأكّدت في تصريحات صحفية أنها كانت تقصد أن عمليات التوظيف في القطاع تشمل كلّ طلبة الجامعات، وأن خرّيجي المعاهد العليا يعتبرون أكثر كفاءة، لكن هذا -تضيف الوزيرة- لا يمنع من توظيف خرّيجي الجامعات في التعليم. مباركي يتدخّل في الوقت بدل الضائع في محاولة لامتصاص غضب الطلبة الجامعيين بعدما وضعته تصريحات وزيرة التربية نورية بن غبريط في ورطة كبيرة، تساءل وزير التعليم العالي والبحث العلمي محمد مباركي عن غلق أبواب التوظيف أمام حملة الشهادات الجامعية، خاصّة وأن عدد خرّيجي المدارس العليا حوالي 3000 فقط بالرغم من احتياجات أن قطاع التربية سنويا تفوق 23 ألف، وهذا يعني أن 20 ألف يوظّفون خارج المدارس العليا، وتابع قائلا: (أي أستاذ هو ينتمي إلى قطاع الوظيفة العمومي التي تنظّم مسابقات توظيف للالتحاق بأيّ منصب حسب القانون، وأنا استقبلت بعض الطلبة وأوضحت لهم الرؤية شخصيا). ووصف وزير التعليم العالي والبحث العلمي خلال نزوله ضيفا على منتدي يومية (المجاهد) أمس الدخول الجامعي بالعادي رغم التوترات التي حدثت في بعض الولايات، موضّحا أن سياسة التعليم العالي في الجزائر تتطوّر مع مرور الزمن، وهو ما لاحظته الحكومة، لا سيّما من حيث التحوّل من الكمّية إلى النوعية من خلال اعتماد نظام (أل.أم.دي) عوض الكلاسيكي الذي ستتخلّى عنه الجزائر في غضون السنتين المقبلتين أو ثلاث سنوات كأقصى تقدير لامتصاص كلّ احتياجات المتعاملين في السوق، خاصّة وأن فتح اختصاص جديد يجب أن يتوافق والاحتجاجات الحالية، مضيفا أنه ليس بالهيّن أن نجد أكثر من مليون طالب ضمن تعداد سكاني يقارب ال 38 مليونا. أمّا فيما يخص التأطير أوضح مباركي أن الإحصائيات لسنة 2013 تشير إلى أن هناك 50000 أستاذ جامعي، أي كلّ أستاذ يقابله 20 أو 22 طالبا، مشيرا إلى أن نسبة الأستاذة بدرجة بروفيسور 20 بالمائة، كما أن 30 بالمائة من الأساتذة يملكون ماجستير ويحضّرون لشهادة الدكتوراه، وهي معطيات مقبولة جدّا ليست بعيدة عن الدول المتقدّمة، تعكس التطوّر الواقف في سياسة التأطير المبنية على التكوين وفق الاحتجاجات، حيث أن هناك 30000 مسجّلين في شهادة الدكتوراه سيتمّ تسهيل المراحل من أجل اجتياز الشهادة في أقرب فرصة وذات نوعية.