في قرار من شأنه إثارة جدل كبير في البلدان المحافظة، على غرار الجزائر، طالبت منظمة الصحّة العالمية الحكومات بأن تنفّذ على الفور توصية جديدة تقضي بإنهاء (اختبار العذرية) المهين والتمييزي وغير العلمي في حقّ النّساء والفتيات في العالم، حسب المنظمة الأممية، بينما تكشف وثائق لمنظمة (هيومن رايتس ووتش) الحقوقية أن بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط هي الأكثر استخداما لهذا النوع من الاختبارات في العالم. تنصّ التوصية المذكورة في الكُتيَّب الذي صدر عن منظمة الصحّة العالمية مؤخّرا تحت عنوان (الرعاية الصحّية للنّساء اللواتي تعرّضن لعنف الشريك الحميم أو العنف الجنسي) على أنه يجب على العاملين في مجال الصحّة عدم استخدام (اختبارات العذرية). ويؤكد الكُتيَّب على احترام حقوق المرأة وإرادتها، ويوضّح أنه ينبغي إجراء أيّ اختبار بدني فقط بعد الموافقة المسبقة والتركيز على تحديد طبيعة الرعاية الطبّية اللاّزمة. ويخلص التقرير إلى أن (اختبار العذرية) الاستفزازي والمهين أو (اختبار الإصبعين) الذي ما يزال يستخدم في بعض البلدان من أجل (إثبات) إذا ما كانت المرأة أو الفتاة عذراء (ليس له قيمة علمية). وتشدّد المنظمة الأممية أنه على الحكومات والأطبّاء الالتزام بالكُتيَّب للتأكّد من أنهم يتصرّفون بشكل أخلاقي ويحترمون خصوصية المرأة وكرامتها ويتّخذون خطوات لتثقيف أقرانهم لوضع حدّ لآفة (اختبار العذرية). في السياق، قالت منظمة (هيومن رايتس ووتش) الحقوقية إنها وثّقت استخدام (اختبار العذرية) في عدد من البلدان في جميع أنحاء العالم، واعتبرت اختبار العذرية ضربا من ضروب العنف والتمييز القائم على الجنس، وتستغلّ السلطات هذا (الاختبار) غير العلمي والمهين رغم أن التاريخ الجنسي للمرأة ليس لديه على الإطلاق أيّ تأثير فيما إذا كانت مؤهّلة للحصول على وظيفة أو في تحديد إذا ما كانت تعرّضت للاغتصاب، حسب المنظمة الحقوقية. وذكرت (هيومن رايتس ووتش) أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأكثر استخداما لهذا النوع من الاختبارات، حيث يمكن أن تتعرّض المرأة ل (اختبار العذرية) في ظروف مختلفة، بما في ذلك بناء على طلب من عائلاتهنّ. وشهد عدد من المتظاهرات اللواتي تمّ اعتقالهنّ في مصر أواخر 2011 بأن طبيبا عسكريا أخضعهنّ لما عرف ب (كشف العذرية)، وقضت محكمة القضاء الإداري المصرية بأن إجراء اختبارات العذرية على النّساء رهن الاعتقال كان (عملا غير قانوني وانتهاكا لحقوق المرأة واعتداء على كرامتها)، ومع ذلك تمّت تبرئة ضابط الجيش الوحيد المتّهم بإجراء (كشوف العذرية) في مارس 2012. ورغم حكم المحكمة ما تزال هذه الممارسة غير القانونية تُستخدَم في مراكز الاحتجاز المصرية، كما استخدمت ليبيا والأردن أيضا هذه (الاختبارات). أمّا في إندونيسيا فتطلب الشرطة الوطنية (اختبارات العذرية) كجزء من إجراءات التوظيف للمرشّحات رغم اعتراض كبار ضبّاط الشرطة من النّساء ومطالبتهنّ بوقف الاختبار. كما تمّ رفع مقترحات لإدخال (اختبارات العذرية) لفتيات المدارس في إندونيسيا مرارا، وهذا حسب وثائق تحوزها المنظمة الحقوقية. جدل حادّ حول وثيقة إثبات العذرية في الجزائر يأتي قرار المنظمة الأممية بإنهاء فحوص إثبات العذرية للنّساء في وقت تثير فيه وثيقة إثبات العذرية جدلا كبيرا في الشارع الجزائري، بين من يرى طلب (شهادة العذرية قلّة أدب) وجريمة في حقّ البنت وبين من يعتبرها من أساسيات عقد القران، مع العلم أن قانون الأسرة لا يشترطها لعقد الزّواج. وباتت القضية تفرض نفسها للمناقشة بقوة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام قد تتعدّاه إلى فتح نقاش برلماني حول الظاهرة المثيرة للجدل. وفي السياق، تقول المحامية عائشة زيناي عن الحالات المتعلّقة باشتراط الملف الطبّي عند عقد الزّواج إن بعض ضبّاط الحالة المدنية لخّصوه في شهادة إثبات العذرية رغم أن نصّ القانون واضح ويتضمّن اِلتزام الزّوجين بإجراء فحص طبّي قبل إتمام العقد يؤكّد خلوهما من الأمراض التي تكون عائقا أمام زواجهما. وذكرت صاحبة الدراسة، حسب شهادات رؤساء بلديات رفضوا الكشف عن هوياتهم، أن اشتراط الشهادة المذكورة لم يتضمّن في قائمة الأمراض التي أرسلتها وزارة الداخلية والجماعات المحلّية إلى البلديات، لكن -حسب تحليلهم- الشهادة دليل على الصحّة الجيّدة للفتاة المقبلة على الزّواج. كما كشفت عائشة زيناي مؤخّرا عن بعض الحالات التي رفض فيها ضبّاط الحالة المدنية إتمام العقد بسبب عدم توفّر ملف الزّوجة على شهادة إثبات العذرية، وانتقدت عدم اِلتزام السلطات العمومية بتوضيح وشرح التعديلات لضمان تطبيقها بالشكل السليم رغم اعتراف مسؤولين من وزارة الداخلية باندهاشهم لتسجيل حالات مماثلة وإرجاعهم الأمر إلى سوء فهم المادة 7 مكرّر من قانون الأسرة المعدل. في حين يؤكّد مختصّون أن قانون أخلاقيات مهنة الطبّ تمنع الأطبّاء المختصّين في أمراض النّساء من منح شهادات العذرية التي تطلبها فتيات قُصّر ودون إذن من وكيل الجمهورية والجهات القضائية، أي أن شهادة العذرية في حدّ ذاتها لا يعتدّ بها، خاصّة إذا كانت خارج طلبات الجهات القضائية. وفي السياق، يؤكّد رئيس عمادة الأطبّاء الجزائريين الدكتور بقاط بركاني أن الشهادات الطبّية الخاصّة بإثبات العذرية ليس لها أيّ سند قانوني ولا شرعي ولا أساس لها من الصحّة، قبل أن يعود ويوضّح أن الشهادة ذاتها لابد من أن تمنح من طرف طبيب شرعي.