عبد القادر حمداوي قامت قوات الاحتلال الفرنسي بعملية تمشيط واسعة النطاق شملت جنوبالمدية خلال الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر 1958، مستعملة في ذلك كل وسائل الدمار من طائرات ومدفعية وأثناء عملية وقع الاشتباك مع الكتيبة العمرية حشد العدو قواته العسكرية في كل المنطقة وامتدت المعركة إلى نواحٍ أخرى، نظرا لصعوبة الاشتباك، التحقت بها في اليوم الثاني من الاشتباك أفواج أخرى للكتيبة الزبيرية والحمدانية من المنطقة الثانية للولاية الرابعة التي كانت في عين المكان، حيث لم تتمكن الكتيبة من فك الحصار المضروب عليها مما جعلها تستميت في الدفاع عن نفسها وبكل ما تملك من وسائل وتجربة ميدانية بكل إيمان وشجاعة. وفي المكان المتقدم المنحدر كان سي الزبير يتابع بمنظاره تحركات العدو وبدأ يشرح ويصف تصرفات جنود العدو، ومن حسن الحظ أن الطائرات المقاتلة التي كانت تحوم على المنطقة كان فوج ابن باديس الذي تمكن في مكان آمن يليق بمباغتة هذه الطائرات وتم إسقاط 03 طائرات وقتل عدد كبير من الجنود الفرنسيين. * تضحيات كان المجاهدون متسترين بالأشجار التي انتشرت على جانبي الطريق وهم يسمعون أصوات جنود العدو بوضوح، وفجأة دخل العدو ساحة الوغى، وعند عودته من التمشيط هاجم المجاهدون بنيرانهم من كل فج سقط جنود العدو في هذا المنعرج الخطير الذي استعمله المجاهدون بامتياز حين قضى على كل من كان هناك. لقد وفقت الكتيبة الحمدانية كل في اختيار موقعها وركزت الرشاشات في أماكن لائقة لقد أبلى البلاء الحسن هؤلاء المجاهدون، فالبطل الحقيقي الثابت والدائم بالثورة التحريرية كان وسيبقى هو الطيب والمدهش من الفلاحين وسكان الأرياف المعروفين فهم الذين دفعوا أغلى ثمن وظلوا يعملون في الخفاء دون هوادة من أجل أن تنتصر القضية الوطنية، وقد شارك في هذه المعركة ألف جندي من قوات العدو وإضافة إلى المتمركزين في الأماكن الأمامية المحاصرة للمنطقة وبعد أن حشد العدو قواته في كل مكان وقطع الطريق بالصفحات والدبابات، وكل هذا مقابل الكتيبة العمارية تمركزت الكتائب في المنطقة وشاركت في هذه المعركة مجموعة من فرق الكوموندوس التابعة للولاية التي اتخذت إجراءات أمنية مشددة ومضاعفة الحراسة وتشديد الرقابة واليقظة لمتابعة تحركات العدو وكلما كانت قوات العدو تزحف بأعداد هائلة لتطويق المنطقة وكلما تقدم العدو إلا وقرر المجاهدون مجابهة العدو بشجاعة وصمود حفاظا على سلامة المجاهدين وكانت الخسائر في صفوف جيش التحرير الوطني استشهد 94 مجاهدا و 50 مواطنا. اتخذ العدو كل الاحتياطات وأعطى تعليمات صارمة لجيوشه ليلة الحصار حيث أمرهم بعدم إطلاق النار على المجاهدين مهما كانت الظروف حتى لا يتفطن المجاهدون، وخير دليل على ذلك فإن مجموعة من المجاهدين مرت من هناك شاهدهم العدو ولم يطلق عليهم النيران حتى تنكشف خطته ولم يفعل ذلك إلا في حدود الساعة الخامسة من صبيحة 31/12/1958 واكتشفت دوريات المجاهدين مواقع تواجده مما أرغمه على الدخول معهم في اشتباكات، حيث كان فشل خطته وهذه النقاط الإستراتيجية التي كان يتخذها المجاهدون، لقد عانى سكان الأرياف خاصة أولئك الذين يسكنون الجبال والقرى ، وهذا المكان هو موقع استراتيجي ممتاز ومناسب للتعارك لكونه عبارة عن سفوح وشعاب وربى كلها مغطاة بأشجار الغابة الكثيفة يستحيل على العدو أن يصل إليها عن طريق عتاده كالدبابات، والأمر الذي يراه المجاهدون ويحرسونه بكل ثقة وآمان ويتمركز فيه المجاهدون للاستراحة والتمركز كونه يتواجد على المكان من أعالي جبال موقورنو، وكم من معارك دارت هنا وهذا الموقع لإقامة مركز القيادة للولاية الرابعة التاريخية وحتى سي أمحمد بوقرة رحمه الله قائد الولاية، أقام مقره القيادي في هذه الجهة التي كان العدو يخاف اللجوء إليه. وكان يظهر على وجه جيش التحرير التعب والإرهاق إذا ما كادوا يدخلون إلى مراكز الإيواء والاستقبال للتمتع بقسط من الراحة التي حرموا منها عدة أسابيع وقد كانت الكتيبة الحمدانية تتوالى على هذا المكان للاستراحة بعدما تنفذ العمليات العسكرية وكمائن في المنطقة الرابعة والثانية وتستقبل على الفور والجنود يهنئهم على عودتهم إلى تراب المدية سالمين غانمين.