اعتقالات في بروكسل وأمستردام وخوف في برلين وتحذيرات في باريس.. ذلك هو المشهد العام الذي تعيشه أوروبا هذه الأيام مع تزايد توقعات المراقبين بوقوع عمليات "إرهابية" في أكثر من منطقة من بلدان القارة العجوز. ففي الوقت الذي تبحث فيه فرنسا عن خيوط مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع ما يسمى "بتنظيم القاعدة بمنطقة الساحل" من أجل إطلاق سراح رهائنها الخمسة قامت السلطات الأمنية البلجيكية بحملة اعتقالات في صفوف من يشتبه في انتمائهم إلى التنظيمات الإسلامية الجهادية. فقد أعلنت السلطات القضائية في بروكسل اعتقال تسعة أشخاص متهمين بالتخطيط للقيام بعمليات "إرهابية" بالتنسيق مع السلطات الأمنية في كل من هولندا وألمانيا. وفي الإجمال، فقد اعتقلت قوات مكافحة الإرهاب في البلدان الثلاثة أحد عشر شخصا من جنسيات مختلفة أغلبهم من المغاربة والشيشانيين الذين يحملون جنسيات البلدان التي يقيمون فيها إضافة إلى جنسيات بلدانهم الأصلية. وفضلا عن اتهامهم بالتحضير للقيام بعمليات إرهابية في بلجيكا والعديد من البلدان الأوروبية الأخرى وجهت للموقوفين تهمة "تجنيد شباب وتحضيرهم للسفر من أجل الانضمام إلى الشبكات الجهادية في كل من العراق وأفغانستان". إجراءات مبالغ فيها وفي تعليق لشبكة "أون إسلام" قالت خبيرة الإرهاب الفرنسية "آن جوديشلي" إن التهديدات وإن كانت تحمل أحيانا طابع الاحتياطات الأمنية المبالغ فيها فإنها موجودة وحقيقة وخاصة مع محاولات تنظيم القاعدة في الأشهر الأخيرة إحداث خروقات أمنية على أكثر من صعيد من أجل استهداف المصالح الغربية بشكل عام. وبحسب تصريحات "لين نيتز" الناطقة الرسمية باسم القضاء البلجيكي فإن "المتهمين تم توقيفهم بعد التنسيق مع الأجهزة الأمنية في كل من إسبانيا والمغرب والمملكة العربية السعودية". وأضافت المسئولة أن "الموقوفين كانوا يتحدثون على أحد منابر الحوار الإسلامية بشأن دعم الحركات الإسلامية المسلحة في كل من الشيشان وداغستان فضلا عن العراق وأفغانستان". وجاء اعتقال هذه العناصر في كل من بلجيكاوهولندا بعد أقل من أسبوع من غلق السلطات الألمانية لقبة وشرفة البرلمان الألماني في العاصمة برلين, وبحسب مجلة دير شبيغل الألمانية فإن معلومات وصلت إلى الأجهزة الأمنية الألمانية تفيد باعتزام مجموعات مسلحة لها علاقة بتنظيم القاعدة على اقتحام البرلمان الألماني واحتجاز أشخاص وقتلهم. وترافق غلق مقر البرلمان الألماني مع اتخاذ إجراءات أمنية وقائية في العديد من البلدان الأوروبية وخاصة في فرنسا التي رفعت منذ بضعة أشهر حالة التأهب الأمني إلى مستوياتها العليا وخاصة بعد تهديدات تنظيم القاعدة في أكثر من مناسبة باستهداف المصالح الفرنسية. اتصالات مع القاعدة وتبحث فرنسا منذ مدة عن وسيلة من أجل الوصول إلى إجراء اتصالات مباشرة أو غير مباشرة من أجل إطلاق سراح رهائنها الخمسة المختطفين من قبل تنظيم القاعدة بمنطقة الساحل الافريقي والذين قبض عليهم التنظيم في أواخر الصيف الماضي في منجم يورانيوم في شمال النيجر ونقلوا فيما بعد إلى جهة مجهولة في منطقة الصحراء الكبرى. وكان تنظيم القاعدة بمنطقة الصحراء قد دعا فرنسا إلى التفاوض مباشرة مع أسامة بن لادن من أجل إطلاق سراح رهائنها الخمسة كما طلب التنظيم من السلطات الفرنسية سحب قواتها العاملة في أفغانستان. وردا على التهديدات التي أعلنها تنظيم القاعدة لفرنسا أكثر من مرة رد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الأسبوع الماضي بأن بلاده "لن تقبل من أحد أن يملي عليها سياساتها". وردا على ذريعة منع النقاب التي اعتمدها تنظيم القاعدة من أجل دعوته ضرب المصالح الفرنسية مؤخرا اعتبر ساركوزي أن "قانون النقاب أقر بالتصويت" وأن "الجمهورية الفرنسية أعلنت خيارها بوضوح فهي لا ترغب في (احتجاز؟) النساء خلف قطع من الأقمشة فوق أراضيها"، على حد قوله.