الفكرة تشمل عدة ولايات عبر الوطن لطالما شكلت السلالم في أحياء العاصمة وباقي الولايات (ديكورا أسود) يشوه المنظر العام بسبب تحولها إلى مكان لرمي الفضلات، ناهيك عن الروائح المنبعثة منها، لأن البعض حوّلها إلى (مرحاض عمومي) دون حرج، ما يدفع الكثيرين إلى تجنب المرور منها ولو تطلب الأمر اجتياز طريق أطول. حسيبة موزاوي غير أن مجموعة من الشباب المتطوع في عدد من الأحياء الشعبية تبنوا فكرة للتغيير، ونجحوا في تحويل السلالم إلى تحف فنية تنبض بالألوان، بعد أن قاموا بتنظيفها، كانت علب الألوان وعدة فرش هي أسلحتهم التي أشهروها في وجه (المدينة الرمادية) ليطلقوا العنان لريشتهم، في مشهد غريب عن الجزائر اعتدنا فقط رؤيته فى صور (أوروبا والدول المتقدمة، ليبدأوا طريقهم نحو (تلوين الجزائر) انطلاقًا من السلالم أملاً فى جعل العالم أكثر بهجة وجمالا.. هذه باختصار الأفكار التى خطرت ببال شباب ولو أنهم ليسوا خريجي مدرسة الفنون الجميلة أو المعاهد الفنية، وكانت النتيجة سلالم ملونة مبهجة في قلب العاصمة الرمادية). وانطلقت الفكرة التي تزين الكثير من المدن الجزائرية من العاصمة قبل أن يتبناها شباب في ولاية خنشلةوجيجل وسوق هراس، بالتنسيق مع جمعيات العمل التطوعي، خاصة بعد أن تم الترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قامت كل مجموعة باستعراض إنجازها في جو تنافسي لأجمل سلالم. سلالم بلوزداد تتحوّل إلى فسيفساء وفي العاصمة، بدأت المبادرة في حي بلوزداد الشعبي، الحامة تحديدا، حيث قام أبناء الحي، بالتنسيق مع جمعية للعمل التطوعي، بطلاء السلالم المتواجدة بالقرب من المكتبة الوطنية، وحوّلوها إلى فسيفساء من الألوان تنبض بالحياة، المشهد نفسه تكرر في أعالي السيدة الإفريقية في باب الوادي، وكذا في بولوغين أعالي العاصمة، وببلدية القبة حيث أبدعت أنامل الشباب صورا فنية، فمن قال إن شبابنا يفتقدون للسلوك الحضاري؟ استحسان كبير للمواطنين واستحسن سكان الأحياء المبادرة موضحين أنه (بإمكانيات قليلة يمكننا أن نحدث التغيير، وجميل أن يتعلم شبابنا أن نظافة الحي وجماله مسؤولية ساكنيه قبل أن تكون مسؤولية البلدية والسلطات). وهو ما ذهبت إليه سيدة من سكان هذه الأحياء قالت إنها لم تتعرف على المكان الذي تجتازه يوميا للتسوق وقضاء حاجياتها، حتى أنها ظنت بأنها أخطأت الطريق (لم أصدق أن السلالم هي نفسها التي كنت أعاني الأمرين لاجتيازها بسبب الروائح الكريهة التي تنبعث من زواياها، آمل أن تكون هذه المبادرة بداية جديدة لتنظيف أحيائنا وتبني سلوكيات حضارية). السلالم تتحوّل إلى تحفة فنية بجيجل وفي ولاية جيجل وبعد سنوات من الإهمال، تحوّلت سلالم كل من فيلاج العنبة أو (طريق الجبل) مثلما كانت تسمى قديما وحي الهضبة الغربية (لاكريط) بوسط المدينة، إلى مزار للمواطنين والعائلات، حيث فضل الكثيرون التقاط صور بها بعد أن تحوّلت إلى لوحات فنية على يد أصحاب المبادرة الحديثة (جيجل بالألوان). عبد الحكيم، عمر، حميد، إسماعيل، مهدي، خليل.. وغيرهم من أبناء مدينة جيجل، جمعتهم شبكة التواصل الاجتماعي (فايسبوك)، وانخرطوا في مبادرة أطلق عليها اسم (جيجل بالألوان) التي شملت لحد الآن تنظيف وطلاء أحد أكبر السلالم بالمدينة، حيث استطاعوا بإمكانياتهم البسيطة أن يحوّلوا وجه هذه الأخيرة وفي ظرف زمني قصير ويصنعوا صورا جمالية. ويقول عمر، أحد مهندسي المبادرة، إن الفكرة جاءت قبل حوالي شهرين بعد اطلاعهم في صفحات فايسبوكية على وجود مبادرة أطلقها شباب بالجزائر العاصمة، حيث تم الإعلان عن ذلك عبر صفحة (أحباب جيجل)، قبل تنظيم لقاء بمحل للخضر والفواكه وسط المدينة، واختيرت سلالم (فيلاج العنبة) كانطلاقة للعملية، وباشروا عملية تحسيس أفضت إلى تشكيل فرقة من حوالي 20 فايسبوكيا، انطلقت مباشرة في تنظيف السلالم من القمامة والأوساخ التي غزتها واقتناء الطلاء الذي تتطلبه العملية، موازاة مع الاستنجاد بالفنان إسماعيل لونيس أحد خريجي مدرسة الفنون الجميلة، والذي فضل تدعيم السلالم برسم يبرز وجها مبتسما. وتوسعت المبادرة فيما بعد إلى حي الهضبة الغربية (لاكريط) سابقا، بعد اندماج شباب من الحي المذكور في العملية وإطلاقهم حملة تطوع من أجل اقتناء الطلاء اللازم، حيث تم تنظيف وطلاء السلالم المؤدية إلى الحي وتحويلها إلى لوحة فنية تتراءى من وسط المدينة، وامتزجت بها مختلف الألوان بصورة أسد، تفنن في رسمها الفنان خليل خربوش. ويطمح أصحاب مبادرة (جيجل بالألوان)، مثلما يضيف الفايسبوكي عمر، إلى توسيع نشاطهم إلى مختلف الأحياء السكنية ومناطق الولاية، وكذا إلى داخل المؤسسات التربوية، من خلال القيام بطلاء الملاعب المتواجدة بها وتدعيمها برسوم تنبذ العنف، وشعارات تحسيسية من أجل نظافة المحيط لتبقى هذه المبادرات التي تبناها شباب الجزائر بمختلف الولايات ردا قويا على كل من اتهم أجيال اليوم، بأنهم متأثرون بوسائل العولمة، وبأن هذه الأخيرة جعلت منهم عديمي الوعي، وغارقين في الانحراف، ليثبتوا العكس من ذلك، من خلال وعيهم باحتياجات أبناء مجتمعهم، وما يفرضه عليهم دينهم من واجبات أخوية، وإنسانية.