لقيت ظاهرة دهن السلالم التي بدأت في العاصمة على مستوى الأحياء الشعبية في بلوزداد ووادي قريش، لتنتشر عبر عدد من ولايات الجزائر، تجاوبا كبيرا لدى المواطنين، ولعل أكثر ما شد الانتباه إليها؛ كثرة الألوان الزاهية التي أعطت للسلالم بعدا جماليا دفع بعدد كبير من الناس إلى الامتناع عن دوسها والتوقف للتمتع بجمالها، لاسيما أن بعض الرسومات تشكل لوحات فنية زاهية. في خرجتنا الاستطلاعية إلى شوارع بلوزداد في العاصمة، استوقفنا منظر السلالم المقابلة للمكتبة الوطنية الحامة التي كانت تشع بألوان مختلفة، تباينت بين الأزرق والأحمر والأصفر والأبيض.. كانت مدهونة بعناية كأن داهنها رسام محترف أو فنان تشكيلي، وقفنا نتأمل مدى جمالية المبادرة، وفي دردشتنا مع بعض المارة، أعربوا عن استحسانهم للفكرة التي تبدو بسيطة، غير أنها جعلت البعض ينتبه إلى أهمية الحفاظ على جمالية الشوارع والأرصفة والسلالم التي نستعملها يوميا، فيما أكد آخرون أن الألوان أثرت على نفسيتهم، فالنظر إليها يعطي الانطباع بالارتياح. وتعود فكرة دهن السلالم إلى الفاتح نوفمبر من السنة الجارية، تاريخ بدء المشروع الذي تبناه في أول الأمر شباب متطوعون من جمعية "سيدرة" الكائنة ببلدية بلوزداد، حيث فكروا، حسب رئيس الجمعية نسيم الفيلالي، في إعطاء جمالية للمنظر الذي يقابل المكتبة الوطنية بالحامة واهتدى أعضاء الجمعية إلى فكرة دهن السلالم بعد الحصول على ترخيص من بلدية بلوزداد التي رحبت بالفكرة وساعدتهم على تجسيدها، وهي الفكرة التي تحولت إلى مشروع لقي بعد تجسيده صدى كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث علق البعض بالقول؛ "سلالم العاصمة تشع بالألوان .. فيما عبر آخرون بالقول؛ "عندما تتسابق ألوان قوس قزح في شوارع العاصمة... "مبادرة تستحق الثناء". سعى عدد كبير من الشباب إلى اقتراح دهن بعض السلالم والجدران الموجودة على مستوى أحيائهم، فيما أقبل آخرون من مختلف ولايات العاصمة، مثل سكيكدة ، جيجل، الأغواط وسوق أهراس على تقليد الفكرة، حيث حولوا سلالم أحيائهم وجدرانها إلى لوحات فنية مختلفة، بينما فكر آخرون في تجسيد أفكار أخرى تصب في نفس الإطار، كالرسم على الحاويات الحجرية، ودهن الجدران لإعطائها وجها جماليا، فيما أقبل البعض الآخر على تطوير الفكرة من خلال دهن جدران المدارس، بتزيينها بقواعد اللغة وجداول الضرب التي تفيد الأطفال، وننتظر، يضيف محدثنا "أن تنتشر هذه الفكرة عبر كامل التراب الوطني لنحسن ونغير منظر أحيائنا، ونحفز الشباب على أن يكونوا فاعلين في المجتمع من خلال تبني أفكار وتحويلها إلى واقع ملموس بمواد بسيطة". يواصل نسيم قائلا: بعد أن قررنا تبني المشروع تحت اسم مبادرة "المواطنة البيئية"، تبين لنا بأن الناس لا يعتبرون الشوارع فضاء ينتمي إليهم، لذا تبدو هذه المساحات العمومية مهملة ولا تلقى الاهتمام المطلوب، ولتغيير هذا المنطق فكرنا في إعادة الاعتبار للشوارع والأرصفة والسلالم بإعطائها روحا جديدة، وجعلها أكثر متعة من خلال جلب الانتباه إليها ولا يوجد أحسن من الألوان لجلب الانتباه، موضحا أن الشباب في الجمعية خضع إلى تكوينات في مجال تعزيز المواطنة من خلال اقتراح مشاريع في مجالات مختلفة، بالتالي نحن في الجمعية نعتمد على طاقة شبانية واعية تحمل مشاريع تنموية تستهدف تغيير العقليات وتوعية الناس بأهمية المبادرة، حيث نعتمد في الجمعية على 70 عضوا ناشطا، أعمارهم متوسطة تتراوح بين 20 و25 سنة. عندما تبنت "جمعية سيدرة" مشروع ثورة الألوان على الأرصفة والشوارع، سطرت العديد من الأهداف، حسب نسيم، أهمها تعزيز المواطنة البيئية في الجزائر، باعتبار أن البيئة من أهم التحديات التي تواجه العالم اليوم. لهذا ارتأينا أن نبدأ العمل برفع التحدي على مستوى الأحياء أولا، ومنه الانتقال من خلال الشباب المتطوع إلى استهداف الأطفال في المؤسسات التربوية عن طريق دعوتهم إلى المشاركة في ورشات عمل، ليتعلموا بعض فنيات الحفاظ على البيئة التي تعتمد على محوري فرز النفايات والرسكلة.