إدمان (المسكنات) شبح يحوم على رؤوس الكثير من المرضى والذين اعتادوا على تناولها للتخلص من الآلام والأوجاع ، بغض النظر عن الأثار الجانبية التى قد تصل إلى الإصابة بالأمراض والوفاة، لذلك ينصح الأطباء بالابتعاد عن الإفراط في تناول المسكنات واستخدام البدائل الطبيعية في الاستطباب. تنقسم المسكنات إلى نوعين، النوع الأول يصرف بدون وصفة طبية في حالات الصداع وارتفاع درجة الحرارة والبرد والزكام ومنها المسكنات المحتوية على مادة الباراسيتامول والمسكنات غير ستيرويدية المضادة للالتهاب مثل الأسبرين ديكلوفيناك، أيبوبروفين، نابروكسين وغيرها، وهذه الأدوية بالإضافة إلى تسكينها للألم تعمل على خفض درجة الحرارة ومضادة للالتهاب. ويضم النوع الآخر مسكنات الألم التي تصرف بوصفة طبية كالأدوية المخدرة للألم مثل المورفين وكسيكودون وكودين، وهيدروكودين، وترامادول ويستخدم في حالة الألم الشديد المصاحب لمرض السرطان أو غيرها لأنه يعمل على تثبيط مستقبلات الألم في الجهاز العصبي المركزي، بالإضافة إلى الأدوية المهدئة للألم مثل أدوية الديكلوفيناك والأيبوبروفين ومضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة وغيرها. وأكد خبراء الصحة أن إدمان المسكنات متمثل في الصورة النفسية التي ينتج عنها الشعور بالارتياح عند تناول العقار والسيطرة على تفكير المريض الذى يصعب بدوره أن يفكر في إيقافه، بجانب الصورة البدنية التي تظهر في اعتماد الجسم على المسكن وصعوبة الامتناع عن تناوله مما يؤدي إلى اضطرابات نفسية وسلوكية وجسمية، وأشاروا إلى أن هناك مؤشرات عامة لإدمان المسكنات ومنها الهزال واحمرار العينين، انتفاخ الأجفان والغثيان، الأرق والاضطرابات السلوكية ونوبات الغضب الطائشة وضيق حدقة العين وزرقة الشفتين وفقدان الوعي والقيء في حالة إدمان المورفين عند زيادة جرعته عن (10ملغ)، وقد يزيد الأمر لحدوث التورم والاحتفاظ بسوائل الجسم وحجم الدم في حالة تناول أكثر من قرصين (600ملغ) من الإسبرين. وأوضحوا أن هناك خطوات تمكن المريض من السيطرة على الإدمان ومنها سحب الدواء من جسم المريض ثم إعادة تأهيله نفسياً تحت المتابعة الطبية النفسية المستمرة، والامتناع مدى الحياة عن تناول الدواء الذى سبب الإدمان بعد انتهاء العلاج، بجانب العلاج السلوكي لدعم المريض، وتعويضه بالفيتامينات والمكملات الغذائية.
المسكنات تؤدي إلى أمراض القلب والوفاة
فيما أظهرت دراسة أمريكية تضاعف معدلات الوفيات الناجمة عن الإفراط في تناول المسكنات بمعدل ثلاثة أضعاف لتشكل 36 ألف حالة وفاة عام 2008 يأتي ذلك في الوقت الذي اعترف فيه نحو 12 مليون أمريكي بإقدامهم على تناول الأفيون والمسكنات للتخلص من آلامهم خلال عام 2010، بينما شهدت عام 2009 دخول 500 ألف حالة قسم الطوارىء بالمستشفيات نتيجة التعرض للتسمم بسبب الإفراط في الجرعات المتناولة من المسكنات. كما حذرت جمعية القلب الأمريكية وإدارة الأغذية والأدوية مؤخراً المصابين بأمراض القلب بشكل خاص بضرورة توخي الحذر عند استخدام هذه الأدوية ومنها (أيبوبروفين) وماركتها التجارية (أدفيل) و(مورتن) ودواء (ديكلوفيناك)، فيما أوضحت دراسات أخرى أن الذين يتناولون جرعات عالية من أدوية (ديكلوفيناك) و(روفيكوكسيب) (فيوكس) يتضاعف لديهم خطر الاصابة بالنوبة القلبية، وقد تم سحب دواء (روفيكوكسيب) من الأسواق الأمريكية في العام 2004 بعدما تبين مسؤوليته عن كثرة الإصابة بالنوبات القلبية والجلطات الدماغية. المسكنات تدمر الكبد
وأشار الدكتور محمد عبد الرحمن أحمد أستاذ الجهاز الهضمي والكبد، إلى أن تناولها بشكل عشوائي يؤدي إلى الإصابة بالتهاب أسفل المريء وجدار المعدة وقد يصل إلى الإصابة بقرحة المعدة والأثنا عشر، وكذلك التهابات الكلي والكبد، موضحا أن هناك بعض المسكنات تسبب الإصابة بسيولة في الدم، وقد تؤدي كثرة تناولها إلى انقباض الشعب الهوائية لدى من يعانون من الحساسية الصدرية إلى الربو الشعبي، لذلك ينبغي تناول المسكنات الخفيفة التي تتميز بقلة مضاعفاتها. تسبب الضعف الجنسي والإجهاض
فيما أثبتت دراسة حديثة أن تناول المسكنات مثل (ايبوبروفن) أو (نابروكسن) يزيد من احتمال إصابة الرجال في منتصف العمر وكبار السن بمشكلات ضعف جنسي، فيما أكدت دراسة أخرى أن هناك أنواعاً معينة من المسكنات ربما تزيد من مخاطر التعرض للإجهاض من خلال الدراسة التي أجريت على النساء اللائي يتناولن عقاقير مثل (الأسبرين) و(ايبوبروفين) في بداية فترة الحمل، كانوا أكثر عرضه للإجهاض مقارنة بمن يتعاطينه في مرحلة متأخرة، في حين أن تناول عقار (باراسيتامول) لا يزيد من مخاطر الاجهاض، ويرجع لأن هذا العقار يعمل فقط في النظام العصبي المركزي. لا بديل عن العلاج الطبيعي
وفي النهاية .. يمكن الاعتماد على الطرق الطبيعية للتخفيف من الألم مع تعديل النظام الغذائي للقضاء على الآثار الجانبية للإفراط في تناول المسكنات، وتلك الطرق تحسن بدرجة كبيرة صحة الإنسان ومنها القلب والأوردة الدموية وتخفض خطر الإصابة بالسرطان وداء الزهايمر، لتبقى في الأول والأخير الوقاية خير من العلاج.