حرصت الأحزاب الإسرائيلية على استقطاب عدد من كبار جنرالات الاحتياط في الجيش والاستخبارات، ممن اشتهروا بشكل خاص بسجل إجرامي ضدّ الفلسطينيين والعرب، وذلك عشية الانتخابات التشريعية التي تجري في السابع عشر من مارس المقبل. وقد عكفت هذه الأحزاب على تطعيم قوائمها الانتخابية بهؤلاء الجنرالات لإقناع الناخب الإسرائيلي بأهليتها للتصدّي للتحديات الأمنية. بذل رئيس حزب يش عتيد ، يائير لبيد، ووزير المالية السابق، جهوداً كبيرة لإقناع رئيس قسم القوى البشرية الأسبق، الجنرال المتقاعد إليعازر شتيرن، بالانضمام لحزبه والمنافسة على موقع في الكنيست، على أمل أن تسهم هذه الخطوة في تحسين فرص الحزب، بعدما دللت استطلاعات الرأي العام التي أجريت أخيراً على أنه سيفقد نصف مقاعده في البرلمان المقبل على الأقل. واشتهر شتيرن المتدين، خلال خدمته العسكرية بقيادة عدد من الوحدات الخاصة التي عملت خارج حدود فلسطين، وكان لها دور في تنفيذ عمليات اغتيال كبيرة ضد الفلسطينيين. ولنفس السبب خرج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن طوره من أجل ضمان أن يحتل الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات الداخلية الشاباك ، آفي ديختر، مكانة متقدمة ضمن القائمة الانتخابية لحزب الليكود الذي يرأسه. وظهر ذلك خصوصاً من خلال إعادة فرز الأصوات في الانتخابات الداخلية التي أجريت قبل شهر، والتي أظهرت أن ديختر حل في المرتبة السادسة والعشرين في قائمة مرشحي الحزب للكنيست، غير أن نتنياهو حرص على إعادة فرز الأصوات للمرة الثالثة على أمل أن يتمكن ديختر من الحصول على ترتيب يضمن له مقعداً في البرلمان المقبل. * أنا الأول في الاغتيالات ظلت العبارة الوحيدة التي يرددها ديختر لإقناعهم بالتصويت له: أنا الأول في الاغتيالات ، في إشارة إلى أن فترة رئاسته ل الشاباك شهدت وقوع أكبر عدد من عمليات الاغتيال التي استهدفت قيادات وكوادر للمقاومة الفلسطينية، خلال الانتفاضة الثانية. ويعتبر ديختر صيداً ثميناً بالنسبة لنتنياهو، الذي يريد تحسين فرص الليكود في الحصول على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان المقبل لضمان بقائه في ديوان رئاسة الوزراء. واشتهر ديختر بشكل خاص بأنّه مهندس سياسة الاغتيالات التي اعتمدتها إسرائيل للقضاء على انتفاضة الأقصى. وقد فطن الأخير إلى ميول واتجاهات منتسبي حزب الليكود لتسويق ذاته أمامهم، فظلت العبارة الوحيدة التي يرددها لإقناعهم بالتصويت له: أنا الأول في الاغتيالات ، في إشارة إلى أن فترة رئاسته ل الشاباك شهدت وقوع أكبر عدد من عمليات الاغتيال التي استهدفت قيادات وكوادر للمقاومة الفلسطينية، خلال الانتفاضة الثانية. مع العلم أن أكثر من نصف القتلى في هذه العمليات كانوا من المدنيين الفلسطينيين العزل. وكانت فرحة زعيم حزب العمل، إسحاق هيرتزوغ، بالغة عندما استجاب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الأسبق الجنرال عاموس يادلين لدعوته للانضمام إلى قائمة الحزب الانتخابية وتم منحه مكانة متقدمة. واشتهر عاموس يادلين الذي قضى معظم مسيرته العسكرية في سلاح الجو بمشاركته في معظم العمليات التي تركت أثراً على الفضاء الإستراتيجي لإسرائيل. وكان يادلين ضمن ستة عشر طياراً شاركوا في قصف المفاعل النووي العراقي عام 1981، وشارك في عمليات القصف التي نفّذها جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب 1982 وما تلاها. ناهيك عن قيادته الغارة التي استهدفت مقرّ قيادات منظمة التحرير في منطقة حمام الشط في تونس عام 1986. ووعد هيرتزغ يادلين بتعيينه وزيراً للدفاع في حال تمكّن من تشكيل الحكومة المقبلة، مع العلم أن جلّ الدراسات التي أنجزها يادلين خلال إدارته مركز أبحاث الأمن القومي تتماهى مع التوجهات اليمينية على وجه الخصوص. وجاء حرص هيرتزوغ على ضم يادلين إلى قائمته، على الرغم من أنّ الأخيرة تضم أيضاً الجنرال عومر بارليف، الذي قاد وحدة سييرت متكال ، أكثر وحدات الجيش الإسرائيلي نخبوية، وهي الوحدة التي تخصصت بتنفيذ عمليات اغتيال ضد العرب والفلسطينيين. ومن خلال متابعة حسابي زعيم حزب البيت اليهودي ، نفتالي بنات، على تويتر و الفايس بوك ، يُلحظ حجم إشاراته إلى تاريخ خدمته العسكرية، وتوليه مكانة رفيعة في وحدة ماجيلان ، التي عملت في جنوبلبنان خلال عامي 1995 و1996. وحتى حزب ماران الديني الحريدي، الذي شكّله وزير الداخلية إيلي يشاي، ضمّ عومري فوكس، وهو عقيد سابق في سلاح المشاة ليحل في المرتبة الثالثة في قائمة الحزب. واعتبر يشاي أن نجاحه في تأمين ضم فوكس قد يحسن فرص حزبه في تجاوز نسبة الحسم في الانتخابات المقبلة. في كتابه جنرالات في مجلس الوزراء ، يجزم البروفيسور يورام بيري، أن تشرّب المجتمع الإسرائيلي ثقافة الأمن بسبب الإحساس بالمخاطر الوجودية على الدولة، جعل الإسرائيليين يرون أن الجنرالات سواء في الخدمة الفعلية أو في الاحتياط هم الأكثر أهلية للعب الدور الأهم في عملية صنع القرار السياسي.