يتوجه الناخبون الإسرائيليون غدا إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في الكنيست في انتخابات تشريعية مسبقة هي الخامسة من نوعها منذ عام 1996 وال 18 في تاريخ الكنيست الإسرائيلي. ويأتي تنظيم هذه الانتخابات في ظل أزمة سياسية حادة شهدت اسرائيل اطوارها منذ الصيف الماضي على خلفية تورط رئيس الوزراء المستقيل ايهود اولمرت في قضايا رشوة وفساد اضطرته إلى وضع نهاية لمستقبله السياسي من جهة وبسبب الوضع القائم في قطاع غزة بعد تولي حركة المقاومة الإسلامية "حماس" سيطرتها الأمنية على هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية. وأكدت نتائج استطلاعات الرأي المنجزة تباعا في اسرائيل منذ عدة اسابيع تقلص الفارق بين حزب الليكود اليميني الذي يقوده بنيامين نتنياهو المرشح لقيادة الحكومة القادمة وبين حزب كاديما بقيادة وزيرة الخارجية تسيبي ليفني إلى مجرد ثلاث أو نقطتين فقط. وأشارت نتائج السبر إلى أن حزب الليكود قد يحصل على 27 مقعدا فقط من اجمالي عدد مقاعد الكينيست ال 120 وتمثل بتراجع بلغ ما بين أربعة وخمسة مقاعد مقارنة بنتائج سبر اجريت شهر جانفي الماضي وتسعة مقاعد كاملة خلال ديسمبر من العام الماضي بفارق ضئيل جدا عن حزب منافسته ليفني التي رشحت عمليات السبر حزبها للفوز ب 25 مقعدا. وأوضحت تقارير إعلامية أن هذه الوضعية ستفتح الباب أمام تحالفات ومساومات بهدف التوصل إلى ائتلاف سيكون فيه زعيم حزب شاس الديني إيلي يشاي ووزير الدفاع إيهود باراك زعيم حزب العمل لاعبين أساسيين في تحديد الجهة التي تؤول إليها رئاسة الحكومة الاسرائيلية القادمة. وكانت حمى المنافسة اشتدت بين الأحزاب المتنافسة التي اتخذت من الوضع الأمني في قطاع غزة والمقاومة الفلسطينية ورقة تستغلها لصالحها لكسب اكبر عدد ممكن من أصوات الناخبين. والملاحظة في هذه الانتخابات أن الأحزاب الإسرائيلية تخوض المعركة الانتخابية بدون قيادات كاريزمية، مما يجعل التنافس حادا بين أكبر الاحزاب في الكيان الاسرائيلي المحتل وهي احزاب كاديما والعمل والليكود. فبالنسبة لكاديما؛ فإن فهذه الانتخابات ستحدد ليس فقط مصير زعامة تسيبي ليفني وإنما مصير حزبها وما إذا كان يستحق الحياة والاستمرار كحزب وسط في السياسة الإسرائيلية بعد انبثاقه أساسا من رحم حزب الليكود وانضمام عدد من قادة حزب العمل إليه، كما انها ستقرر مصير الحزب الاخير الذي تحكم طويلا بالسياسة الإسرائيلية. وبحسب نتائج استطلاعات الرأي، فإن هذا الحزب سيتراجع كثيرا أمام حزبي كاديما والليكود خاصة أنه فقد مرجعياته الأيديولوجية والاجتماعية وباتت مكانته تتآكل في المجتمع الإسرائيلي وهو الذي كان يستند إلى قاعدة اجتماعية-اقتصادية ناشئة عن القطاع العام إلا أن التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفها الكيان الإسرائيلي قلصت من قاعدة هذا الحزب الانتخابية. كما ان هذه الانتخابات ستحدد المستقبل السياسي لبنيامين نتنياهو وحزبه الليكود وستقرر ما إذا كان سيتمكن من استعادة مكانته كحزب أول أو ثان في الساحة الإسرائيلية خاصة وأنه خسر الكثير في الانتخابات السابقة بعد أن قام رئيس الوزراء السابق أرييل شارون مع عدد من قادة الحزب بالانشقاق عنه وتشكيل حزب كاديما. والمؤكد أنه مهما كانت نتائج هذه الانتخابات ومهما كانت الحكومة المنبثقة عنها فإنها لن تكون اقل تشددا عن سابقاتها فيما يتعلق بتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفي عمومه العربي الإسرائيلي. وهو ما سيجعل المرحلة القادمة من السياسة الإسرائيلية في حال استمرار المعطيات الدولية والإقليمية على حالها تتسم بالجمود، مما يعنى أنها لن تشهد جديدا أو تقدما جديا في عملية التسوية حتى لو عاد تحالف كاديما والعمل لقيادة إسرائيل. لذا فإنه يتوجب على العرب وخاصة السلطة الفلسطينية عدم عقد أمال على الحكومة الإسرائيلية الجديدة وانتظار الاسوء من ادارة اعتادت التلاعب بمصير القضايا المتعلقة بالصراع الفلسطيني الاسرئيلي.