تتعدد أساليب التصدق في مجتمعنا ومهما تنوعت طرقه فهو يبقى عادة حميدة يلتزم بها العديد من الأشخاص بعد أن جعل الله تعالى حقوق الفقراء في أرزاق الأغنياء، ويصبو الكثيرون إلى مد يد العون ومد تلك الصدقات بطريقة تحفظ شعور الفقراء والمعوزين وتضمن كبرياءهم حتى لا يحسون بأي إحساس بالنقص، أو أنهم أدنى من الآخرين. وما راح إليه بعض المتصدقين في الآونة الأخيرة يؤكد أن الدنيا مازالت بخير كما يقال خاصة وانه أسلوب جديد انتهجه بعض المتصدقين في مجتمعنا بعد أن صمموا على حفظ شعور الآخرين واختاروا التصدق بطريقة غير مباشرة وذلك عن طريق دفع ثمن كمية من المواد الأكثر استهلاكا على مستوى المحلات التجارية، على غرار الخبز والحليب والقهوة والسكر والزيت وتوصية التاجر بتوزيعها مجانا إلى من يطلبها. بالفعل هي الطريقة التي بات يعتمدها ذوو البر والإحسان في الجزائر بعد أن تعددت أساليب التصدق ورأوا أنها الطريقة الأمثل التي تحفظ بها كرامة من تصدقوا عليهم، بحيث يقومون بدفع ثمن كميات معتبرة من بعض المواد الاستهلاكية الواسعة الاستهلاك بين المواطنين كالحليب والخبز والزيت والقهوة والسكر كونها تعد من ضمن المواد الأساسية التي تدخل في الاستهلاك اليومي لأغلب الأسر على أن يوصوا التاجر بتوزيعها مجانا على من طلبوها. ذلك ما وقفنا عليه بإحدى المخابز في المدنية بالعاصمة حيث كان الخباز يوزع الخبز وما إن يهمُّ الزبون بدفع ثمن الخبز يخبره انه مجاني وان احدهم اختار التصدق بتلك الطريقة الايجابية والتي استحسنها الكل، وتوافد الزبائن في تلك اللحظات بكثرة وكانوا يدخلون الواحد تلو الآخر ويستفيدون من عدد من الرغائف مجانا وكلهم فرح بتلك الخطوة الايجابية التي خطاها المتصدق أو المتصدقة. انتهزنا الفرصة وسألنا الخباز عن ذلك الأسلوب الجديد في التصدق فقال أن الكثيرين في الآونة الأخيرة أضحوا يقبلون على تلك الطريقة التي تضمن وصول صدقاتهم إلى مستحقيها، فيقومون بدفع ثمن كمية معتبرة من سلل الخبز لنقوم نحن بدورنا بتوزيعها مجانا، فهي بمثابة الأمانة التي وضعت بين أيدينا من اجل توصيلها لأصحابها، ورأى الخباز انه أسلوب حسن اعتمده البعض في تصدقهم على الآخرين، ورأيناها نحن كذلك كونها طريقة مثلى اعتمدها بعض المتصدقين الذين أبوا إلا مشاركة الفقير في أرزاقهم التي حباهم الله بها. ولم يقتصر الأمر على الخبز كمادة أساسية تدخل في الاستهلاك اليومي للكل وإنما تعداه إلى المواد الأساسية التي يحتاجها الكل كالحليب والسكر والقهوة والزيت وحتى الخضر على غرار البطاطا بعد دفع ثمن كمية منها وتوصية التاجر بمنحها مجانا للزبائن. وما دفع البعض إلى انتهاج ذلك السلوك هو انعدام ثقتهم في بعض محترفي التسول الذي أصبح الكثير من الناس يبتعدون عن التصدق عليهم بسبب احتيالهم فامتنعوا عن منحهم الصدقات مهما كان نوعها سواء كانت نقودا أو ملابس أو أشياء أخرى، ووقع اختيارهم على تلك الطريقة لمساعدة العائلات المعوزة وحتى المتوسطة لاسيما المتعددة الأفراد، ويبقى ذلك الأسلوب جميلا وحميدا يعبر اصدق تعبير عن صور التكافل والتلاحم الاجتماعي في بلدنا.