يبدو أن انهيار أسعار النفط بات يشكّل انشغالا أساسيا، بل ربما الانشغال الأوّل لأعلى السلطات في البلاد، وعلى رأسها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي يتحرّك في اتجاهات مختلفة بهدف حلّ أزمة البترول أو على الأقل التخفيف من حدّتها والتقليص من حجم أثارها على المنظومة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وفي هذا السياق دخل الرئيس بوتفليقة في اتّصالات مع عدد من قادة وملوك وزعماء بلدان (نفطية) تتفاوت درجة قوّتها بين التأثير والتأثّر. حسب ما علمته (أخبار اليوم) من مصادرها فإن الرئيس بوتفليقة وإضافة إلى القرارات التي أعلنها في اتجاه البحث عن حلول لامتصاص (صدمة انهيار أسعار البترول) شرع في اتّصالات مكثّفة، بعضها يجريها بنفسه وأخرى كلّف مسؤولين كبار في الدولة بها من أجل تنسيق المواقف مع بعض البلدان التي لها علاقة بشكل أو آخر بأزمة النفط، وفي مقدّمة هذه البلدان المملكة السعودية التي تقول مصادر (أخبار اليوم) إن السلطات الجزائرية تحاول إقناعها بضرورة العمل على وقف انهيار الأسعار. وفي هذا الإطار يمكن إدراج التواصل الأوّل من نوعه بين الرئيس بوتفليقة والملك الجديد للسعودية، حيث سلّم وزير العدل حافظ الأختام المبعوث الشخصي لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أمس الأربعاء بعاصمة المملكة العربية السعودية الرياض رسالة إلى وليّ العهد السعودي موجّهة من الرئيس بوتفليقة إلى الملك سلمان بن عبد العزيز. وأفادت وكالة الأنباء الجزائرية نقلا عن مصدر من السفارة الجزائريةبالرياض بأنه (في إطار التشاور والتنسيق المستمرين والحوار المتواصل بين القيادتين الجزائرية والسعودية) استقبل وزير العدل حافظ الأختام الطيّب لوح المبعوث الشخصي للرئيس بوتفليقة من طرف ولي العهد السعودي الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود. وقد سلّم المبعوث الشخصي لرئيس الجمهورية لولي العهد السعودي (رسالة موجهة إلى خادم الحرمين الشريفين من أخيه فخامة رئيس الجمهورية تجسّد ما دأبت عليه القيادتان من تنسيق وتشاور، لا سيّما في هذه الظروف الدولية المتميّزة بالتغيّرات السياسية والاقتصادية)، حسب نفس المصدر. وأضافت السفارة أن اللقاء (كان مناسبة مواتية لتبادل وجهات النظر حول المسائل ذات الاهتمام المشترك). من جهة أخرى، أفادت السفارة بأن لقاء آخر جمع المبعوث الشخصي للرئيس بوتفليقة بوزير البترول والثروة المعدنية السعودي علي بن ابراهيم النعيمي تمّ خلاله التطرّق إلى (عدد من القضايا الاقتصادية ومسائل أخرى محلّ الاهتمام المشترك بين البلدين). ولئن لم يرد في برقية وكالة الأنباء الجزائرية بشكل مباشر حديث عن (أزمة البترول)، فإن كلّ المؤشّرات توحي بأنها الانشغال الأبرز الذي تمّ التعبير عنه من خلال هذا التواصل بين القيادات العليا في الجزائر والسعودية. وفي سياق ذي صلة، أكّد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة حرصه على ضم جهوده إلى جهود الرئيس الإيراني حسن روحاني لترقية وتعزيز العلاقات الثنائية خدمة لمصالح البلدين، مع العلم أن إيران هي من أكبر البلدان النفطية ووضعها الاقتصادي يشبه قليلا وضع الجزائر، فكلا البلدين تأثّر بشكل قوي ومباشر بانخفاض أسعار البترول. وكتب الرئيس بوتفليقة قي برقية بعث بها إلى الرئيس حسن روحاني بمناسبة إحياء الذكرى ال 36 لانتصار الثورة الإسلامية الإيرانية: (أغتنم هذه السانحة السعيدة لأجدّد لكم ارتياحي لمستوى العلاقات المتميّزة التي تربط شعبينا وبلدينا مؤكّدا لكم حرصي على ضمّ جهودي إلى جهودكم لمواصلة ترقية هذه العلاقات خدمة للمصالح المتبادلة لبلدينا). وجاء في البرقية: (يسعدني والشعب الإيراني الشقيق يحيي الذكرى السادسة والثلاثين لانتصار الثورة الإسلامية الإيرانية المجيدة أن أتوجّه إليكم باسم الجزائر شعبا وحكومة وأصالة عن نفسي بأحرّ التهاني وأخلص التبريكات، سائلا اللّه العليّ القدير أن يهبكم وافر العافية والهناء ويحقّق لشعبكم ما يصبو إليه من موصول الرفعة واطراد الرقي والرخاء). في السياق نفسه، تطرّق وزير الطاقة يوسف يوسفي أمس الأربعاء بباكو مع وزير الصناعة والطاقة لأذربيجان ناتيق علييف إلى التعاون بين البلدين في مجال الطاقة وسبل تطويره، حسب ما أفاد به بيان لوزارة الطاقة. وتبادل الوزيران خلال لقائهما وجهات النظر حول الوضعية الحالية لسوق النفط المتميزة (بانخفاض حاد في الأسعار وتأثيره السلبي على عائدات الدول المصدرة للنفط والتي تحتاج إلى حوار دائم بين الدول المعنية)، حسب نفس المصدر. وكان السيّد يوسفي المبعوث الخاص لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قد استقبل كذلك من طرف رئيس أذربيجان إلهام علييف، حيث سلّم له رسالة من الرئيس بوتفليقة حول وضعية سوق النفط العالمي. وتطرّق مضمون رسالة الرئيس بوتفليقة كذلك إلى (ضرورة التشاور) بين الدول المنتجة للنفط، سواء أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) أو الدول غير العضوة في هذه المنظمة. وبالمناسبة، نقل السيّد يوسفي تحيات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الأخوية إلى الرئيس علييف وتمنياته بالمزيد من التطور والازدهار لشعب أذربيجان. وأضاف البيان أن اللقاء كان كذلك مناسبة لتبادل وجهات النظر حول المسائل ذات الاهتمام المشترك، خاصّة سبل تعزيز العلاقات بين البلدين. يذكر أن أذربيجان تملك احتياطات كبيرة من النفط في بحر قزوين، ويمثّل الخام 70 بالمائة من صادرات هذا البلد و50 بالمائة من ميزانية الدولة.