قضت محكمة القطب الجزائي ب (سيدي امحمد) بتأجيل البتّ في ملف تبديد أزيد من 30 مليار سنتيم من طرف مسؤولين بمديرية البناء والتعمير ومكاتب دراسات بولاية الشلف إلى تاريخ 18 مارس المقبل لاستدعاء الشهود، حيث تبيّن أن المتّهمين تلاعبوا بميزانية عدّة مشاريع من خلال مخالفة دفاتر الشروط وتضخيم الفواتير وصرف ملايير في أشغال إضافية وهمية، والتي طالت كلاّ من مشروع الصرف الصحّي والملبّس الساخن بالقطب العمراني الجديد بحي الشطّية. تمّت متابعة 34 شخصا بتهم تبديد أموال عمومية، سوء استغلال الوظيفة ومنح امتيازت غير مبرّرة على رأسهم رئيس مصلحة البناء بذات المديرية، إلى جانب مسيّري مكاتب دراسات أشرفت على إنجاز مشاريع دون استشارات قانونية ومنسّق المصلحة ومكلّف بالأقطاب العمرانية الجديدة، وكذا إطارات بالمديرية ومقاولين. وقد انطلقت التحرّيات بناء على رسالة مجهولة سبقتها تقارير ومتابعة للمديرية من قِبل المفتشية العامّة للمالية (المديرية الجهوية بمستغانم) خلال شهري مارس وأفريل من سنة 2011. وكشفت التقارير جملة من التجاوزات سجّلت على مستوى مديرية التعمير لولاية الشلف، حيث تبيّن أن عددا من المقاولين استفادوا من مشاريع في إطار برنامج التنمية المحلّية بطرق مشبوهة، مع منح امتيازات غير مبرّرة بالتواطؤ مع الموظّفين القائمين على لجنة العروض ومنح الصفقات، وسجّلت تجاوزات في إنجاز المشاريع ومخالفة دفتر الشروط، وتبيّن أن الخروقات المسجّلة بدأت من إعداد دفاتر الشروط إلى غاية المنح النّهائي للمشاريع، بالإضافة إلى اكتشاف عدّة عمليات تزوير في محاضر الفتح والتقييم بالسجِّلات الرسمية. وتتعلّق جملة المشاريع في إطار عملية التهيئة والتحسين الحضري للقطب العمراني الجديد بحي الشطّية التي ورّطت موظّفين في مديرية الريّ ورئيس مديرية البناء والتعمير لولاية الشلف، وكذا عدد من إطارتها ومقاولين في مشروع الصرف الصحّي بالقطب العمراني الجديد بحي الشطّية منحت للمتّهم (م. الحاج) بمبلغ مالي قيمته تتجاوز ال 46 مليون دينار، وبتاريخ 10/12/2007 أدرجت له أشغال إضافية بمبلغ يفوق ال 33 مليون دينار، وهو ما يمثّل نسبة حوالي 80 بالمائة من مبلغ الصفقة الأصلي. كما شمل التحقيق مشروع التهيئة الخارجية الشطر الأوّل بالقطب العمراني الجديد بحي الشطّية وسجّلت به تجاوزات تمثّلت في أنها منحت دون اكتمال النصاب بلجنة تقييم العروض، علما بأن قرار اللّجنة في منح المشروع من عدمه حاسم، وهو ما يعتبر مخالفة صريحة لأحكام المادة 138 من قانون الصفقات العمومية، خاصّة بعد عقد اجتماع لجنة تقييم العروض التقنية والعروض المالية في اجتماعين منفصلين، وهو ما يعتبر خرقا للأحكام الجديدة لقانون الصفقات العمومية، سيّما وأن مدير التعمير والبناء آنذاك المدعو (ب. سليم) ترأس كلا اللجنتين، أي الفتح والتقييم، ووقف أيضا على المصالح التي أشرفت على التحقيق في تجاوزات وخروقات خطيرة فيما يتعلّق بمشروع الملبس الساخن بالقطب العمراني الجديد بحي الشطّية، وقدّرت قيمة الصفقة التي رست لنفس المستفيد بمبلغ مالي قيمته 203.370.277 60 دينار، وتبيّن بعد دراسة التقييم الإداري اُعدّ من قِبل مكتب الدراسات أن المبلغ الذي اقترحه المقاول كان مقاربا جدّا لمبلغ الصفقة، ممّا يوحي بأن هناك تسريبا للمعلومات عن المبلغ لفائدة صاحب المقاولة (م. الحاج)، وبالتالي فإن المصلحة المتعاقدة أخلت بمبدأ الشفافية والمنافسة الشريفة ومنح امتيازات غير مبرّرة للغير، ممّا جعل عددا من المسؤولين بمكتب الدراسات محلّ متابعة. هذا، وسجّلت نفس التجاوزات في مشاريع أخرى، على غرار مشروع التسطيح وفتح الطرقات بالقطب العمراني الجديد بحي بن سونة، والذي ورّط عددا من موظّفي مديرية الريّ، وما يزال التحقيق جاريا على مستوى القطب الجزائي المتخصّص في وقت تضاربت فيه تصريحات المتّهمين، فيما أقرّ عدد منهم بمسؤوليتهم فيما يخص المتابعة المشاريع، غير أن محاضر السماع كشفت عن وجود تواطؤ بين المتّهمين لتمكين المقاولين من هذه الصفقات خارج القانون، ممّا كلّف الخزينة العمومية خسارة أزيد من 30 مليار سنتيم.