ارتفعت الاستثمارات الخليجية في رعاية قمصان أندية أوروبية هذا الموسم لتبلغ ما يعادل ربع إنفاق الشركات العالمية في هذا المجال. وتعكس هذه الاستثمارات الاستفادة الكبيرة لأندية أوروبية من الأموال العربية. وقد اعتاد جمهور كرة القدم العربية والعالمية في الأعوام الأخيرة على مشاهدة إعلانات لشركات عربية على قمصان كبرى الأندية الأندية الأوروبية الكبيرة. فشعار (طيران الإمارات) مثلا يحظى بالانتشار على قمصان فرق عريقة على غرار آرسنال الإنجليزي وريال مدريد الإسباني وميلان الإيطالي وباريس سان جيرمان الفرنسي وهامبورغ الألماني وأولمبياكوس اليوناني. كما تنفرد شركة (طيران الاتحاد) -التابعة لشركة أبو ظبي القابضة- برعاية قميص نادي مانشستر سيتي بطل الدوري الإنجليزي. وتحظى شركة (قطر للطيران) برعاية قميص برشلونة الإسباني مقابل 30 مليون أورو للموسم الواحد. ويؤكد هذا الحضور الكبير للشركات العربية في الدوريات الأوروبية قدرتها على كسب ثقة الأندية الكبيرة خاصة في ظل العوائد التي تجنيها هذه الأندية من عقود الرعاية تقدر بملايين الدولارات.
استثمارات الشرق الأوسط تنعش الأندية الأوروبية
ويظهر تقرير جديد، أصدرته شركة (ريبوكوم) للاستشارات، أن شركات إماراتية وقطرية استثمرت نحو 160 مليون أورو هذا الموسم في أكبر ست مسابقات للدوري بأوروبا -أي ما يعادل ربع إجمالي إنفاق شركات العالم العاملة بمجال رعاية القمصان في تلك الدوريات. وبيّن التقرير أنّ الشركات الإماراتية تشكل أكبر راع للقمصان من دولة واحدة، تعقبها الشركات الألمانية بإيرادات قدرها 112 مليون أورو، ثم الشركات الأمريكية بإيرادات تبلغ 82 مليون أورو. وتعد شركة (طيران الإمارات) صاحبة السبق في دخول السوق الأوروبي. ففي جانفي 2001 تمكنت الشركة المدعومة من حكومة دبي من توقيع عقد رعاية مع تشيلسي الإنجليزى بقيمة 40 مليون دولار لمدة ثلاثة أعوام. بعدها أبرمت الشركة أكبر عقد رعاية في تاريخ كرة القدم الإنجليزية، وذلك مقابل 150 مليون اورو مع نادي آرسنال. ونص هذا العقد على إطلاق اسم الإمارات على ملعب آرسنال الجديد لمدة 15 سنة، مع وضع اسم الشركة لمدة ثمانية أعوام على قمصان اللاعبين ابتداءً من موسم 2006- 2007. وبذلك أكدت شركة (طيران الإمارات) تفوقها على باقي الشركات الخليجية التي تقوم برعاية باقي الأندية، مثل شركة (الخطوط القطرية) التي ترعى قميص نادي برشلونة الإسباني. وهناك شركات أخرى ترتبط رعايتها بملكية النادي، مثل شركة الاتحاد التي ترعى مانشستر سيتي نظرا لأن صاحب النادي هو نفسه صاحب الشركة.
سبب تهافت الشركات العربية على التعاقد مع الأندية الكبرى يرى رئيس الاستراتيجية الدولية في شركة (ريبوكوم)، غلين لوفيت، أنّ أحد الأسباب الرئيسية في الارتفاع الحاصل في قيمة عقود رعاية قمصان الأندية الأوربية بشكل عام هو الحضور الإلكتروني الكبير للأندية، والتوسع الحاصل في شبكات التواصل الاجتماعي. مشيراً إلى وجود نسبة كبيرة من الناس تتابع هذه القنوات الاجتماعية ويصلها محتواها، وهو ما يجذب الشركات، وخاصة العالمية منها، التي تبحث دوماً عن الوصول للناس. وأوضح لوفيت أنّ الاستثمارات شرق الأوسطية في رعاية الأندية لا تبحث فقط عن العوائد المالية أو التجارية، بل أنها تهدف لصنع (برستيغ) خاص بها يساعدها في بناء علامة تجارية قوية، وهو ما يحقق لها الارتباط بأندية كرة قدم أوروبية كبيرة. وإلى جانب الاستثمار في رعاية قمصان الأندية الأوروبية ازداد اهتمام أثرياء الخليج أيضاً بشراء أسهم في أندية أوروبية كبيرة. وتعد صفقة انتقال ملكية نادي (مانشستر سيتي) إلى الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، مقابل مبلغ 200 مليون جنيه إسترليني، الأكبر بين الصفقات العربية حتى الآن. وذلك نظرا للقيمة المالية الهائلة، وأيضاً لنجاحه في استقطاب نجوم كبار بصفقات كبيرة قدرت ب100 مليون جنيه إسترليني فور توليه المهمة. وكان ذلك سبباً في عودة مانشستر سيتي للواجهة والتتويج بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد غياب 44 عاما. ونفس الأمر ينطبق على نادي باريس سان جرمان الفرنسي الذي عاد للتألق، بعد شرائه من شركة (قطر للاستثمار) الحكومية وتعيين ناصر الخليفي رئيساً للنادي. كما بات رجل الأعمال الأردني حسين اسميك أول عربي يمتلك أسهما فى نادٍ ألماني، بشراء 49 بالمائة من أسهم نادي ميونيخ 1860 الذي ينافس في دوري الدرجة الثانية. ضعف الاستثمار في الدوريات العربية
وتختلف النظرة إلى هذا الإقبال العربي على الاستثمار في كرة القدم الأوروبية. ويرى مجدي عبد الغني نجم منتخب مصر الأسبق، في تصريح لموقع (الأهرام9 المصرية أن استثمار العرب لأموالهم في كرة القدم الأوروبية خطوة إيجابية ومشرفة لكل العرب، في ظل صعوبة تحقيق مثل هذه الاستثمارات في الدوريات العربية بسبب غياب الوعي الجماهري وضعف الاحتراف علاوة على تدخل أطراف سياسية في الكرة. بالمقابل يعتبر اللاعب الدولي المصري السابق أحمد حسن، أنّ تهافت رجال الأعمال العرب وراء شراء الأندية ورعايتها ما هو إلا (استعراض) مُبالغ فيه من أصحاب رؤوس الأموال العربية لتحقيق الشهرة الكبيرة لأنفسهم في الأوساط الأوروبية فقط لا غير. كما تمنى قائد منتخب مصر السابق، في حوار مع (الأهرام العربي)، أن يستثمر أثرياء العرب هذه الأموال في تطوير الرياضة العربية بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص حتى ترتفع مستويات لاعبي الدوريات العربية، (لأننا نمتلك المواهب، ولكن للأسف لا تجد من يرعاها).