خرج الطبيب الجراح الشهير على عجل إلى المطار للمشاركة في المؤتمر العلمي الدولي الذي سيلقى فيه تكريماً على إنجازاته الكبيرة في علم الطب، وفجأة وبعد ساعة من الطيران أُعلن أن الطائرة أصابها عطل كبير بسبب صاعقة وستهبط اضطرارياً في أقرب مطار. توّجه إلى استعلامات المطار مخاطباً: أنا طبيب عالمي كل دقيقة عندي تساوي أرواح أ ناس وأنتم تريدون أن أبقى 16ساعة بانتظار طائرة؟.أجابه الموظف: يادكتور، إذا كنت على عجالة يمكنك استئجار سيارة فرحلتك لا تبعد عن هنا سوى 3 ساعات بالسيارة، رضي الدكتور على مضض وأخذ السيارة وظل يسير وفجأة تغير الجو وبدأ المطر يهطل مدراراً وأصبح من العسير أن يرى أي شيء أمامه وظل يسير وبعد ساعتين أيقن أنه قد ضل طريقه وأحس بالتعب، رأى أمامهُ بيتاً صغيراً فتوقف عنده وطرق الباب فسمع صوت امرأة كبيرة تقول: تفضل بالدخول فالباب مفتوح، دخل وطلب من العجوز المقعدة أن يستعمل تليفونها، ضحكت العجوز وقالت: أي تيلفون ياولدي؟ ألا ترى أين أنت؟ هنا لا كهرباء ولا تلفونات ولكن تفضل واسترح وخذ لنفسك فنجان شاي ساخن وهناك بعض الطعام كل حتى تسترد قوتك. شكر الدكتور المرأة وأخذ يأكل بينما كانت العجوز تصلي وتدعي وانتبه فجأة إلى طفل صغير نائم بلا حراك على سرير قرب العجوز وهي تهزه بين كل صلاة وصلاة، استمرت العجوز بالصلاة والدعاء طويلاً فتوجه لها قائلًا:-والله لقد أخجلني كرمك ونبل أخلاقك وعسى الله أن يستجيب لك دعواتك. قالت العجوز:- ياولدي أما أنت ابن سبيل أوصى بك الله وأما دعواتي فقد أجابها الله سبحانه وتعالى كلها إلا واحدة، فقال الدكتور وماهي تلك الدعوة؟ قالت العجوز: هذا الطفل الذي تراه حفيدي يتيم الأبوين، أصابهُ مرضٌ عضال عجز عنه كل الأطباء عندنا، وقيل لي إن جراحاً كبيراً قادر على علاجه ذاع صيته في البلاد ولكنه يعيش بعيداً من هنا ولا طاقة لي بأخذ هذا الطفل إلى هناك وأخشى أن يشقى هذا المسكين فدعوت الله أن يسهل أمرى... بكى الطبيب وقال: والله إن دعاءك قد عطل الطائرات وضرب الصواعق وأمطر السماء كي يسوقني إليك سوقاً والله ما أيقنت أن الله عز وجل يسوق الأسباب لعباده المؤمنين بالدعاء. حينما تنقطع الأسباب لا يبقى إلا اللجوء إلى خالق الأرض والسماء. وصدق الشاعر عندما قال: أتهزأ بالدعاء وتزدريه ... وما يدريك ما فعل الدعاء.