لا يعرف كثيرون من أبناء المسلمين حول العالم أن أكثر من 92 بالمائة من الشعب الآذري مسلمون، وربما لا يعرفون أين تكون أذربيجان! هذه الدولة الإسلامية العريقة التي تعرضت كفلسطين لأبشع الممارسات المسيحية على يد الأرمن، بحاجة مع قرب نهاية مارس تذكر مظلوميتها. معاهدتا جولستان و توركمانتشاى الموقعتين في عامي 1813 و 1828، كانتا قد منحتا سندا قانونيا لتقسيم الأمة الآذرية، وتقسيم أراضيها التاريخية، واستلهاما لفكرة إنشاء أرمينيا العظمى، بدأ الغزاة الأرمن فى تطبيق علنى، وعلى نطاق واسع لأعمالهم الوحشية ضد الأذربيجانيين خلال أعوام 1905-1907، وكانت البداية من (باكو). فقد استطاع الأرمن الاستفادة من الحرب العالمية الأولى ومن الثورات الروسية المندلعة في فيفري وأكتوبر عام، 1917، كما تمكنوا من الترويج لأفكارهم بدعوى البلشفية، وتطبيق خطة التطهير العرقي الدنئية للتخلص من سكان أذربيجان بدءاً من باكو وانتهاء ببقية المقاطعات. وبحجة محاربة العناصر المناوئة للثورة البلشيفية توسع الأرمن في أعمالهم البربرية بقرى وأراضي أذربيجان، فدمروا مئات القرى وتم تسويتها بالأرض، وقتلوا الآلاف من الناس بوحشية غير مسبوقة، حيث دمروا المنازل الآهلة بسكانها، وأحرقوا الناس أحياءً، و تحوّلت معظم مدينة باكو إلى أطلال بمعالمها المعمارية القومية والمدارس والمستشفيات، كما دُمر العديد من الآثار الأخرى. ولم تتوقف هذه الأعمال الوحشية عند (باكو)، بل امتدت إلى عدة أقاليم أخرى مثل، (قوبا) و(شاماخى)، و(قاراباغ)، و(زانقازور) و (ناختشوان) و(لانكران)، وغيرها، وتحوّلت الكثير من القرى إلى رماد وسويت آثارهم القومية بالأرض، وكان الغرض من كل هذا هو طمس المعالم التاريخية والديموغرافية للأراضي الآذرية، وبالتالي إفشال إثبات القيادة الآذرية لحقوقها التاريخية والقانوينة. وبعد تأسيس جمهورية أذربيجان الديمقراطية، تم وضع جرائم 31 مارس 1918 في أهم أولويات الدولة الجديدة، فأصدر مجلس الوزراء قرارا فى 15 جويلية 1918 بإنشاء لجنة غير عادية لبحث وتقصى تلك الأحداث المأساوية، وبحثت اللجنة المرحلة الأولى من الإبادة الجماعية التي حدثت في مارس، بكل بلديات وقرى وأقاليم أذربيجان. كما تم تأسيس إدارة خاصة تابعة لوزارة الشؤون الخارجية، وذلك حتى يتعرف المجتمع الدولي على الحقيقة، وأعلنت جمهورية أذربيجان الديمقراطية اعتبار الحادى والثلاثين من مارس يوم حداد وطني في البلاد، وذلك مرتين، في عام 1919 و1920. لكن بعد انهيار جمهورية أذربيجان الديمقراطية استغل الأرمن عمليات تحويل مناطق شمال القوقاز لجمهوريات سوفيتية، وأعلنوا ضم منطقة (زانجازور) التابعة لجمهورية أذربيجان إلى أرمينيا السوفيتية الاشتراكية عام 1920، ومنذ ذلك التاريخ وما تلاه وخاصة في الفترة من 1948 إلى 1953، تواصلت عمليات الترحيل الجماعي لسكان أذربيجان من مواطنهم، فتم تهجير ما يزيد عن 150 ألف أذربيجاني بالقوة خارج أرمينيا، وكان هذا التهجير بموجب قرار مجلس الوزراء السوفيتي الصادر في 23 ديسمبر 1947 تحت اسم القرار الخاص بشأن التهجير الجماعي للفلاحين والسكان الأذربيجانيين من جمهورية أرمينيا السوفيتية الاشتراكية إلى سهل (كورا - أراز) التابع لجمهورية أذربيجان السوفيتية الاشتراكية!
حروب الإبادة وتسببت الجرائم والمذابح خاصة فى قاراباغ الجبلية في نزوح مليون مواطن آذري عن أراضيهم وديارهم، والعيش في خيام الإيواء، حتى أنشأت الحكومة الأذربيجانية أحياء حديثة توفر من خلالها لهم سبل المعيشة، والحياة الكريمة؛ لكن كان وسيظل حلم عودتهم حيا في قلوبهم وعقولهم. ولأن أذربيجان دولة مسالمة، وراغبة في احترام جميع المواثيق الدولية فيما يخص فض المنازعات بين الدول، فهي ماضية في مسيرتها لتحقيق أحلام مواطنيها المستحقة بالعودة إلى ديارهم وأراضيهم بالسبل السلمية، وعن طريق المفاوضات مع أرمينيا.. بدأ هذا منذ العام 1992، ولا يزال مستمرا بوساطة مجموعة (منسك) التي ترأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا وروسيا؛ لكن من أين يأتي السلام ونحن أمام دولة لا تنفذ أربعة قرارات لمجلس الأمن حملوا أرقام (822،853،874،884) وجميعها تدعوها لضرورة إعادة الأراضي التي احتلتها إلى أذربيجان ؟! ويبدو أن السلام الذي تريده أرمينيا هو نفس السلام الذي تبتغيه دولة الكيان الصهيوني في فلسطينالمحتلة.. سلام يقوم على دم الآخر وأرضه وحريته وعرضه.. سلام بشروط المغتصب والمعتدي، وليس على أساس الحق والعدل!