قصتي مع أذربيجان... بدايةً مع اجتماع وزراء الثقافة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، فكانت فرصة لتقديم تقرير حول المنتدى الإسلامي الذي أترأسه، وكذلك مباركة لوزيرة الثقافة خليدة تومي بعد إعلان تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية وذلك بإرسال باقة من الورود التي أهداها لي سفير دولة قطر بباكو، والتي قدمت خطابا لوزراء المنظمة فلمست أن عربيتها تحسنت كثيرا أداء، نطقاً وتعبيرا. * فزيارتي إلى اذربيجان كانت فرصة لزيارة باكو ومعالمها التاريخية، فهي جوهرة القوقاز بدون منازع، وقد تفاجأت بأن نسبة الشيعة تمثل 85٪ من نسبة 96٪ من السكان المسلمين في الدولة، فالسنة لا يمثلون سوى 15٪، أما نسبة المسيحيين فهي ما بين 3 - 4٪، وقد لا تشعر بالاختلاف المذهبي، نظرا للطابع المتسامح للأذاريين، وثاني ما فاجأني هو أن اذربيجان تعرف باسم آخر ألا وهو "أرض النار" وقد عُرفت بهذا الاسم لأن حقول الغاز فيها تنفث النار من الأرض عند خروجها، إذ أن البلاد تمتلك احتياطيا كبيرا من البترول والغاز . وفي أثناء تجولك في العاصمة قد تلاحظ اختلاف اشكال الأفراد تبعا للعرقيات، فيعتبر الأذريون القومية الأولى، ثم تليها عرقيات أخرى من أزراغيينو ثم الروس، الأرمن، الأكراد والطاليش وغيرها... إلا انه رغم اختلافاتهم تلاحظ التعايش والانسجام داخل المجتمع. العاصمة باكو تزخر بالعديد من المعالم القديمة، أهمها المقبرة أو مقبرة الشهداء والتي تطل على البحر والعاصمة، وهي عبارة عن حديقة تتخللها العديد من المقابر التي نحتت فوقها صورة الشخص ومكان استشهاده، وهي قريبة كذلك من القصر الجمهوري، وهو مزار للعديد من الأفراد السياح منهم والمواطنون . كما كانت لنا زيارات خارج العاصمة خاصة بالجانب الإنساني، وزيارة "الجيل الثالث" أو المسنين، فعند علمهم بأنك عربي أو مسلم ذو أصول عربية، تخجل من كرمهم وحسن استقبالهم، فهم متعطشون لكل ما هو عربي أو إسلامي، ولكن في المقابل لاحظت قصور العالم الإسلامي اتجاه دول الاتحاد السوفييتي سابقا وعدم التواصل المستمر سواء مع حكوماتهم أو الشعب، وقد تم اقتطاع جزء من اذربيجان، منطقة أو اقليم كرباخ من طرف ارمينيا، وعليه يوجد العديد من اللاجئين والنازحين يعيشون في مأساة ويحتاجون إلى العديد من المساعدات، وذلك ما لمسناه أثناء زيارتنا لمخيماتهم، مما جعل جزءا من اقليم ناخيتشيفان منفصلا جغرافيا عن باقي اذربيجان ولا يمكن التواصل مع الإقليم إلا عبر مقاطعة إيرانية أو عبر ارمينيا، علما أن من أشهر أبناء الإقليم حيدر علييف أول رئيس لأذربيجان وابنه إلهام علييف الرئيس الحالي. أما المساجد في اذربيجان فهي تشبه المساجد التركية من حيث التصميم الهندسي، وهي عتيقة وقديمة الطراز، كما أنه لا يمكن زيارة باكو دون التجول في المدينة القديمة والتي تشبه منطقة القصبة من حيث المنحدرات وأرصفة الشوارع مع اختلاف الطابع المعماري لها. وأخيرا، لا ننسى أن الدولة تطل على بحر قزوين الثري بالنفط والغاز الطبيعي، وكذلك ببيض الأسماك التي يُصدر الكثير منها للخارج، وفي أثناء تواجدي في هذا البلد تذكرتُ العديد من الذين صنعوا مجد الإسلام والمسلمين بعلمهم، وهم كثيرون وفي شتى أبحر العلم.