بعد الويلات التي عرفته أوروبا والعالم جراء الحرب العالمية الثانية التي ذهب ضحيتها الملايين من البشر، استدركت بعد بضع سنوات البشرية والمنتصرون في الحرب بعد عودة الوعي والسلام واستيقاظ الضمير الإنساني في نفس كل من كانت له مساهمة في هذا الدمار من قريب أو من بعيد، وبعد إنشاء المنتظم الأممي، رأى كل هؤلاء أنه بات من الضروري إصدار إعلان عالمي يخص حقوق الإنسان، أصطلح المجتمع الدولي على تسميته باليوم العالمي لحقوق الإنسان··؟ كان ذلك في العاشر من شهر ديسمبر 1948، ومما جاء في ديباجته: أن الناس يولدون أحرارا متساوون في الحقوق والواجبات وليس هناك تفرقة بينهم في اللون أو العرق أو الدين···"· فرحت لذلك الكثير من الشعوب المضطهدة والتي كانت واقعة تحت رحمة الاحتلال، ولكن سرعان ما تناست البشرية وبالأخص المنتصرون في الحرب وأبرزهم الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفياتي وبريطانيا وفرنسا، هذه الأخيرة التي قابلت وعودها للشعب الجزائري بإبادة منه ما يزيد عن 45 ألف مواطنا بريئا، كما أن الغرب عمد بعد ذلك إلى زرع دولة في قلب الوطن العربي وتهجير الشعب الفلسطيني من مدنه وقراه دون مراعاة لميثاق الأممالمتحدة ولا لإعلانها الخاص بحقوق الإنسان والذي بات في كثير من الأحيان حبرا على ورق، وهذا لأن القوى العظمى لم تعد تحترمه··؟ حقوق الإنسان التي أحتفل بها أمس في كثير من بلدان المعمورة مازالت تعرف الانتهاكات الكثيرة من قبل ممن لا يعترفون بهذا المصطلح، خاصة في العالم العربي والقارة الأفريقية، حيث الحقوق اللصيقة بالإنسان باتت مهضومة وغير معترف بها وتنتهك جهارا نهارا، وأبرز مثال على ذلك ما يجري في الأراضي العربية المحتلة من قبل دولة إسرائي، وأيضا ما يقع في الصحراء الغربية على أيدي وأرجل الجيش الملكي المغربي··! إن حقوق الإنسان أشياء لا توهب بل تؤخذ، وإن أبرزها هي الحق في الحياة والحرية والمساواة، وكل هذه القيّم السامية تتطلب التضحية والفداء ··؟!