يستضيف مرسيليا الثالث باريس سان جرمان المتصدر وبطل الموسمين الماضيين على ملعب (فيلودروم) مساء اليوم في مواجهة نارية في المرحلة الحادية والثلاثين من الدوري الفرنسي لكرة القدم، ويحل ليون الثاني والمتصدر السابق ضيفا على غانغان مساء اليوم. كان باريس سان جرمان انتزع الصدارة من ليون في المرحلة الماضية في مباراة تألق فيها نجمه السويدي زلاتان ابراهيموفيتش الذي سجل ثلاثية في مرمى لوريان (3-1) بعد خسارة المتصدر السابق المفاجئة في عقر داره امام نيس (1 - 2). وتشكل مباراة مرسيليا وسان جرمان منعطفا مهما للفريقين في هذه المرحلة من الدوري، الأول لتحقيق الفوز وإشعال المنافسة على اللقب حتى النهاية، إذ قد ينهي المرحلة في الصدارة أو في المركز الثاني والثاني لقطع خطوة مهمة نحو لقبه الثالث على التوالي. ويغيب عن مارسيليا لاعب وسطه المؤثر جيانيلي إيمبولا بداعي الإيقاف، في حين يلعب سان جرمان بصفوف مكتملة بعد تعافي مدافعيه البرازيليين دافيد لويز وماركينيوس من إصابة أبعدتهما عن مباراتي منتخب بلادهما ضد فرنسا وتشيلي الأسبوع الماضي. ويدخل سان جرمان، الفريق الوحيد في البطولات الخمس الكبيرة التي ما يزال يحارب على أربع جهات، مرحلة حساسة خلال الأسبوعين القادمين، حيث يواجه أيضا برشلونة في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا يومي 15 و21 أفريل، ويخوض نهائي كأس رابطة الأندية ضد باستيا في 11 الحالي ونصف نهائي كأس فرنسا ضد سانت إيتيان في 8 منه. المنافسة بين مرسيليا وباريس سان جرمان تتحدى حدود المستطيل الأخضر الولد الرمز مقابل الولد المشاكس تتخطى المنافسة اللدودة بين مارسيليا وباريس سان جرمان حدود المستطيل الأخضر شأنها في ذلك شأن كل مواجهة كلاسيكية بين غريمين تقليديين، فكل نسخة من كلاسيكو الكرة الفرنسية تحمل في طياتها ليس فقط طابعا رياضيا، بل تاريخيا وثقافيا واجتماعيا، ذلك لأنها أم (الداربيات) بكل ما للكلمة من معنى: العاصمة ضد المقاطعة، الشمال ضد الجنوب، الولد الرمز مقابل الولد المشاكس. أصل الكلاسيكو بين الفريقين لكن الكلاسيكو يجمع على الأخص بين الناديين الفرنسيين الوحيدين اللذين أحرزا لقبا أوروبيا وسيطرا على الدوري الفرنسي قبل قدوم ليون في مطلع العام 2000. هذه المنافسة تخطت حدود المدينتين، لأن سان جرمان ومارسيليا هما إلى جانب سانت إيتيان الأندية الوحيدة التي تملك أنصارا في مختلف انحاء فرنسا. إذا كنت أحد مشجعي الفريقين، فإن هذا الكلاسيكو لا يحمل الكثير من الأسرار بالنسبة إليك، في حال العكس، فإن موقع سيسرد لك كل شيء عن هذه المواجهة الكلاسيكية في كرة القدم الفرنسية. إذا كانت المنافسة بين الفريقين حفلت بمباريات مثيرة شهدت تسجيل أهداف رائعة فإنها في الوقت ذاته حديثة العهد بينهما. صحيح أن مارسيليا يملك تاريخيا يدوم أكثر من مئة عام في المقابل نظيره الفرنسي لم يبصر النور إلا عام 1970. مقارنة بالسجل الذي يملكه مارسيليا لم يكن باريس سان جرمان سوى منافس كغيره على الساحة الفرنسية، لكن اعتبارا من منتصف الثمانينيات بدأ فريق العاصمة يعزز خزائنه بالألقاب والكؤوس ويكشف عن طموحات جدية تليق بمكانة العاصمة باريس. الإثارة بين الفريقين بدأت مع بيرنار تابي بدأت الإثارة بين الفريقين بعد وصول بيرنار تابي لرئاسة مارسيليا وامتلاك قناة (كانال بلوس) لباريس سان جرمان وقدوم بعض النجوم إلى الأخير. وتعاقد الفريق الجنوبي مع كريس وادل وجان بيار بابان وكارلوس موزير ورودي فولر وبازيل بولي وإنزو فرانشيسكولي، ورد باريس سان جرمان التحية بالحصول على خدمات سافيت سوسيتس ولويس فرنانديز ودافيد جينولا ويوري دجوركاييف وجورج ويا وراي. أيقظت المنافسة بين الفريقين الفوارق التاريخية والاجتماعية بين المدينتين، وبرز الاختلاف الكبير في مباريات مشوقة والحروب الكلامية بينهما في الصحف. الأرقام في الذاكرة سيطر مارسيليا على الكرة الفرنسية من 1990 إلى عام 1999 ولم يخسر خلال هذه الفترة سوى مرة واحدة، لكن مارسيليا كان في عداد أندية الدرجة الثانية عندما تعرض لهذه الخسارة. أما اليوم فقد عوض باريس سان جرمان الوقت الضائع في عدد الانتصارات، وتحديدا بفضل سلسلة ناجحة ورائعة شهدت فوزه في ثماني مباريات متتالية بين عامي 2002 و2004. وبعد سيطرته على المواجهات الخمس الأخيرة منذ أكتوبر 2012 رفع فريق العاصمة انتصاراته إلى 32 فوز، وهو نفس عدد انتصارات نظيره الجنوبي. (سنبقى الأوائل دائما) هي إحدى الجمل المفضلة لدى عشاق مارسيليا، في إشارة إلى إحراز فريقهم الانتصار الأول لفرنسا في المسابقات الأوروبية، والأمر ينطبق على أول لقاء بين الفريقين أجري عام 1971، حيث فاز مارسيليا بقيادة روجي ماجنوسون وجوزيب سكوبلار (4-2). بيْد أن معسكر سان جرمان يفضل أن يتذكر عام 2003 الذي شهد فوز فريقهم ثلاث مرات، بينها مرتان على ملعب (فيلودروم)، وتحديدا في مباراة مشهودة تألق فيها النجم البرازيلي رونالدينو وقاد فريقه إلى الفوز (3-0). حكايات وتصريحات كل نسخة من الكلاسيكو لديها قصتها، لكن بعضها طبع تاريخ الكرة الفرنسية، وتحديدا المباراة التي أقيمت عام 1989 في (فيلودروم)، والتي أطلقت شرارة المنافسة الحقيقية بين الفريقين التي نعيشها اليوم. كان الفريقان يتصارعان على لقب بطولة الدوري الفرنسي وقد تواجها في المرحلة الخامسة والثلاثين. جاءت المباراة متقاربة المستوى وكان التعادل يصب في مصلحة الفريق الباريسي، لكن وفي الثواني الأخيرة من المباراة أطلق فرانك سوزي كرة قوية من 30 مترا وضعت فريقه على السكة الصحيحة لإحراز أول ألقابه منذ عام 1972. والجميع يتذكر أيضا التصريح الشهير لمدرب باريس سان جيرمان أرتور جورج عام 1992، والذي قال: (سنسحقهم تماما). قام رئيس مارسيليا بيرنار تابي يتعليق المقال على حائط غرفة الملابس الخاصة بفريقه، فكان رد هؤلاء على أرض الملعب حيث خرجوا فائزين. تاريخ 29 ماي 1993 سيبقى يوما مجيدا في تاريخ أنصار مارسيليا بالنسبة لأنصار مارسيليا فإن تاريخ 29 ماي 1993 سيبقى يوما مجيدا في تاريخ ناديهم، وبعد ثلاثة أيام من تتوجيهم القاري في مواجهة ميلان كان بطل أوروبا ومتصدر الدوري الفرنسي مدعوا لمواجهة منافسه المباشر في مباراة حاسمة لتحديد هوية الفائز باللقب. بعد ثلاثة أيام قضاها لاعبو مارسيليا يحتلفون بنصرهم الرائع أوروبيا تخلف الفريق بهدف خلال المباراة الحاسمة، لكن مارسيليا رد التحية بأحلى منها بتسجيله ثلاثة أهداف، بينها واحد برأس المدافع بازيل بولي من 18 مترا بعد لعبة مشتركة رائعة ولا شك أنه أجمل هدف في تاريخ لقاءات الفريقين. الباريسيون ثأروا عدة مرات من مارسيليا سنحت الفرصة أمام الباريسيين للثأر مرات عدة، لكن أنصار فريق العاصمة شعروا بالفخر مرتين على ملعب بارك دي برينس عام 1999 عندما كان مارسيليا ينافس من أجل إحراز اللقب، كان سان جرمان يعيش فترة صعبة، لكنه نجح في الخروج فائزا (2-1) ليمنع غريمه التقليدي من إحراز اللقب، حيث تخلف بفارق نقطة واحدة عن بوردو في نهاية الموسم. أما في الماضي القريب وتحديدا عام 2006 التقى الفريقان في نهائي كأس فرنسا، وكان مارسيليا لا يزال في القمة، في حين كان سان جرمان يواجه خطر الهبوط إلى الدرجة الثانية. على الرغم من دخول مارسيليا المباراة مرشحا للفوز بنسبة كبيرة فقد حسم سان جرمان المباراة في مصلحته (2-1) بفضل هدف من تسديدة قوية لفيكاش دوراسو الذي نادرا ما يسجل أهدافا من هذا النوع. موازين القوى انتقلت إلى باريس سان جرمان في السنوات الأخيرة منذ منتصف التسعينات وفي أوقات نادرة لم يكن الفريقان في ذروة مستواهما في الفترة ذاتها. فعندما أحرز مارسيليا وباريس سان جرمان لقبهما عامي 2010 و2013 على التوالي كان المنافس يراقب البطل عن بعيد، وإذا كان مارسيليا سابقا الأقرب إلى القمة من منافسه في القرن الماضي فإن موازين القوى اختلفت كثيرا في السنوات الأخيرة بعد أن انتقلت ملكية فريق العاصمة إلى القطريين. يملك باريس سان جرمان حاليا ميزانية قوية تسمح له ببناء فريق قادر على منافسة أعرق الأندية الأوروبية، وبات فريق العاصمة يبدأ معظم مبارياته وهو مرشح للفوز أكانت المباراة على ملعب (بارك دو برينس) أو ملعب (فيلودروم).