.. "جئت إلى بريطانيا وأنا في الثانية عشرة، والتحقت بمدرسة إنجليزية إلى أن تزوجت، ومنذ ذلك الحين انقطعت صلتي بالتكنولوجيا واللغة الإنجليزية، إلى أن جاء مشروع (معا للمستقبل)". هكذا وصفت المسلمة البريطانية نورا (46 عاما) حياتها قبل انطلاق مشروع "معا للمستقبل" الهادف إلى محو الأمية التكنولوجية لأكثر من 9 ملايين شخص ببريطانيا يجهلون كيفية التعامل مع الكمبيوتر وتصفح الإنترنت. نورا قالت ل"أون إسلام": "عندما جئت إلى بريطانيا وأنا في 12 من العمر، وتزوجت، وانقطعت صلتي بالتكنولوجيا, كنت كلما أردت أي شيء من الإنترنت كان عليَّ أن أطلب من أولادي إنجازه لأجلي, كان لدي عنوان بريد إلكتروني، ولكني لا أعلم ماذا أفعل به؟" وتابعت بإشراقة تعلو وجهها "الآن أستطيع أن أراسل أختي في أي وقت، كما أن لدي جهاز كمبيوتر نقال؛ أحضره ابني كتشجيع لي عندما تعلمت التصفح على الإنترنت، والفضل يرجع لمشروع "معا للمستقبل" ومشرفتي سارة". وتضيف نورا التي سمعت عن مبادرة "معا للمستقبل" من المركز الثقافي الإسلامي بلندن: "منذ أن تزوجت لم أتكلم الإنجليزية إلا مؤخرا، أما الآن فأنا أقرأ الإنجليزية دون مساعدة من أحد، كما أني أساعد في تدريسها أحيانا". ووفقا لاستطلاعات حديثة فإن 40 مليون بالغ في بريطانيا يتصفحون الإنترنت, و30 مليونا منهم يتصفحونه يوميا, و9 ملايين بالغ لم يتعاملوا مع الإنترنت من قبل. وتطوعت العديد من المسلمات من سن 18 إلى 35 في مشروع "معا للمستقبل"؛ لمساعدة المسلمات الأكبر سنا في التقدم في اللغة الإنجليزية ومهارات الكمبيوتر؛ حيث يسعى المشروع إلى التعاون بين الأجيال القديمة والحديثة، والتشجيع لتطوير الحوار والتفاهم بينهما، وتقوية دور المرأة المسلمة في جميع المراحل العمرية في إطار الأسرة والمجتمع ككل في ظل التطور التكنولوجي المتزايد. الاندماج بالمجتمع وفي تصريح لداليا معروف، منسق المشروع قالت "نحن نعمل بالمشاركة مع مركزين يتجمع فيها المشرفون والمنتسبون، الأول في كينسينغتون وتشلسي (وسط لندن) والآخر ببرج هاملبيتس (غرب), كما ننوي إقامة 4 ورش عمل في 4 مناطق مختلفة خارج لندن لتعليم أساسيات التعامل مع الكمبيوتر ل 25 امرأة في كل ورشة عمل". أما مشرفة نورا -وتدعى سارة، وهي هندية الأصل- كان لها دورٌ كبير في تشجيع نورا على إكمال الخطوة التي بدأتها قائلة: "لم تكن نورا صعبة التعلم، وأشعر أنني محظوظة بالإشراف عليها، فهي متفتحة الذهن، وجعلت من السهل الإشراف عليها". وللمشروع دور فعال في مساعدة المشرفين والمنتسبين على السواء للاندماج في المجتمع البريطاني، من هذا المنطلق أضافت سارة: "كوني من طاقم المشرفين بالمشروع ساعدني كثيرا على الاندماج في المجتمع، فقد كان القلق مسيطرا على تفكيري عندما جئت إلى بريطانيا في أول الأمر؛ لأني لا أعرف أي أحد باستثناء زوجي". واتفق الخبراء ببريطانيا على أن فكرة مشروع "معاً للمستقبل" ذات تأثير إيجابي لزيادة اندماج المسلمين -البالغ عددهم حوالي مليوني مسلم- بالمجتمع البريطاني. وعبر عن ذلك الرأي مراد بطل الشيشاني كاتب ومحلل لأحوال المجتمع الإسلامي بقوله: "الحياة بلندن تعني استخدام الإنترنت في جميع نواحي الحياة، فالآلات في كل مكان حتى في محطات القطار, وجهل التعامل مع التكنولوجيا يؤدي إلى تغذية الشعور بالعزلة لدى الفرد". وقد اقترح مراد الشيشاني على المنظمات الإسلامية أن يفتحوا باب الانضمام لغير المسلمين أيضا معللا: "الاندماج لا يعني العمل الاجتماعي فقط, وإنما يعني مشاركة المسلمين لخبراتهم مع غير المسلمين، وهذا يساعد على تحقيق أقصى درجات النجاح للمشاريع". يذكر أن هذا المشروع أطلق في جوان 2009 وهي جمعية تطوعية خيرية تقوم بتمويلها وزارة الأقليات والحكومة المحلية برعاية بنك تايم البريطاني.