مختصون يحذرون من تعرضهم لضغوط شديدة قبل أسابيع قليلة من نهاية العام الدراسي يواجه التلاميذ والطلبة المقبلون على خوض امتحانات مصيرية ضغوطا نفسية شديدة بدافع الخوف من الرسوب والتوجس من ردة فعل الأولياء التي غالبا ما تكون قاسية، هذا المعطى جعل خبراء ومختصين يدقون ناقوس الخطر مطالبين بحماية التلميذ من (بسيكوز) وكوارث الامتحانات التي غاليا ما تتسبب فيها عوامل أقوى من إرادته. ناشدت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان وزارة التربية رفع تحدي نوعية التعليم في الجزائر وإيجاد صيغة توافقية بين الوزارة والنقابات لتجنب الإضرابات لتغليب مصلحة التلميذ وجعلها الهدف الأسمى في القطاع، فيما دعت ذات الهيئة في بيان لها تحوز (أخبار اليوم) على نسخة منه، الأولياء إلى عدم الضغط على أبنائهم وعدم تهديدهم بالعقاب حتى لا يدفعوا بهم إلى الانتحار أو تبني خيار آخر وهو الهروب من المنزل، بل يجب عليهم تفهم أبنائهم ومحاولة معالجة الأسباب الكامنة وراء فشلهم ورسوبهم، ويمكن أن يكون العلاج النفسي أحد المفاتيح لكشف أسباب رسوب التلميذ والسعي لإيجاد الحلول الكفيلة باستعادته الثقة في نفسه وقدراته مع الاعتماد على أسلوب التشجيع لا التهديد. رقم خطير حسب ما كشفه خالد أحمد، رئيس جمعية أولياء التلاميذ، فإن ظاهرة الانتحار وسط التلاميذ عقب الإفراج عن نتائج الامتحانات النهائية، على غرار شهادتي البكالوريا والتعليم المتوسط تفاقمت، أين تم تسجيل 10 حالات انتحار سنويا خلال الثلاث سنوات الأخيرة وسط التلاميذ ليس بسبب الرسوب المدرسي فحسب، بل تخوفا من ردة فعل الأولياء الذين عادة ما ينتهجون أسلوب التهديد والوعيد مع أبنائهم حتى قبل نشر نتائج الامتحانات أو التحصل على كشوف النقاط، وهو ما يجعل التلاميذ يقدمون على الانتحار أو توليدهم لطاقة العنف المتفجر كنتيجة للإحساس بالغضب، والدليل على ذلك ما قام به التلاميذ من أعمال العنف والتخريب والحرق التي طالت ثانويتين بالعاصمة والبليدة. فالواقع النفسي للتلاميذ يؤكد على ضرورة الالتزام بتقديم كمية دعم كبيرة لأداء المهام الدراسية، وهو ما يتطلب قدرة وجهدا كبيرين من جميع الفاعلين لفهم واقع التي تعيشه المدرسة الجزائرية. كما ترى الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أن الظاهرة تستحق الدراسة لمعالجة أسباب هذه التصرفات وليس فقط الوعيد والعقاب مثلما توعّدت وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط من وهران. من جهة أخرى، أكد باحثون في علم الاجتماع أن أزيد من ثلاثة ملايين عائلة جزائرية تعتمد في تأديبها للطفل على العقاب الجسدي، على غرار الضرب بشيء يلقى على الطفل كالحجر أو الحذاء، والضرب على الرأس، الوجه والأذنين والذراع وشدّ الشعر. كما تبيّن من التحقيق أن الأم هي الأكثر ضربا للأطفال من الأب وذلك بنسبة 36 بالمائة مقابل 27 بالمائة عند الأب، بينما يمارس العقاب البدني من طرف الوالدين معا بنسبة 23 بالمائة، أما الأشخاص الآخرون الذين يضربون الأطفال في الوسط الأسري كالجدين والإخوة والأخوات فلم يتعد نسبة 14 بالمائة. ولعلّ الاحتكاك المستمر للطفل بالأم هو الذي يؤدي إلى تعرضه للضرب أكثر على يديها، حسب الدراسة. انتحار.. وتسرب في هذا الإطار، يؤكد هواري قدور، الأمين الوطني المكلف بالملفات المختصة للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن النتائج السلبية للتلاميذ من رسوب تنجم عنها عدة ظواهر، منها الانتحار وسط التلاميذ أو ظاهرة التسرب المدرسي لا يتحمل مسؤوليتها الطفل وحده، فإنها تقع بشكل كبير على عاتق المدرسة، الأسرة، المجتمع والدولة ككل. والجدير بالذكر أن المشهد التربوي في الجزائر خلال هذه السنة الدراسية 2014/2015 عرف وضعية صعبة طبعتها سلسلة من الإضرابات نتيجة التوتر الذي تجلى في سياسة القبضة الحديدية بين نقابات القطاع والوزارة، وفي ظل هذا الوضع ضاعت المدرسة بين اتهامات الوزارة للنقابات بالتلاعب بمصير التلاميذ واستخدامهم كرهينة واتّهامات النقابات للوزارة بالتعسف وغلق باب الحوار والقرارات الارتجالية واتهام جمعيات أولياء التلاميذ للطرفين بتغييب مصلحة التلميذ ومستقبله العلمي في هذا الصراع المتجدد كل عام في الوقت الذي ضاعت فيه نوعية التعليم والتلميذ بات الضحية الأولى لأنه يتحمل تبعات الإضرابات على حساب مستواه الدراسي. الحلقة الأضعف تؤكد الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أن حقوق التلميذ تندرج في إطار حقوق الإنسان، ونتأسف لكونه الحلقة الأضعف في هذا الصراع المتجدد كل عام. ويتحمل التلميذ وحده الأثار السلبية ويحل في موقع (الرهينة) التي تتضرر في كل الأحوال، الأمر الذي لا ينتج عنه سوى فشل التلاميذ في مواكبة تمدرسهم والتأخر في الدروس سيجعل من عملية استدراكها عبئا ثقيلا عليهم يتطلب مجهودا إضافيا وضغطا نفسيا، خاصة بالنسبة لتلاميذ الأقسام النهائية الذين تنتظرهم امتحانات مصيرية نهاية السنة، حسب ذات المصدر.