اختفى الطفل معاذ نور الإسلام ربيع الذي يبلغ من العمر 13 سنة، يوم الخميس الماضي، من منزله الكائن ببلدية تسالة المرجة في العاصمة، وقد أودع والد الطفل شكوى لدى الشرطة. وأكدت العائلة أن الابن تعرض للتأنيب من طرف والديه، نتيجة تحصله على معدل متدنٍ، وهو ما دفعه إلى ترك المنزل والاختفاء عن الأنظار إلى غاية كتابة هذه السطور. تعد حالة نور الإسلام التي تطرقت إليها ''الخبر''، من بين عديد الحالات التي يلجأ فيها الأطفال إلى ترك منازلهم خوفا من تعنيف أوليائهم، حيث تزامنت بداية العطلة الربيعية للتلاميذ مع صدور بلاغات عن اختفاء الأطفال من المنازل. وقد رصدت الشرطة الكثير من الحالات بعد الشكاوى التي أودعها الأولياء، ليتضح في نهاية المطاف بأنها حالات هروب من المنازل، لجأ إليها الأطفال للفرار من ''العقاب''، بعد حصولهم على نتائج متدنية في الفصل الثاني. هذا الانطباع الذي خلّفه الأولياء في نفسية أبنائهم بعد ''التهديد والوعيد'' الذي يشرعون فيه قبل نهاية كل فصل دراسي، دفع الأبناء إلى التفكير في أبسط الطرق للهروب من العقاب، بترك منازلهم والتوجه إلى أحضان الشارع، علّه قد يخلصهم من الضغط النفسي الذي يخلفه بعض الآباء دون وعي منهم، والذي يصل في بعض الحالات إلى ممارسة العنف الجسدي ضدهم، لأنهم لم يتحصلوا على العلامات التي يريدها أولياؤهم. وفي الموضوع، أكد عرعار عبد الرحمان، رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل ''ندى''، أن هروب الأطفال من منازلهم خوفا من العقاب نتيجة تحصلهم على علامات متدنية خلال الفصل الحالي، حالات واردة وتتكرر مع نهاية كل فصل دراسي، وأوضح بأن هذه الحالات الواقعية لا تعتبر مؤشرات على ضعف الحوار داخل العائلات الجزائرية، ووجود إشكالية في التواصل بين الأبناء وآبائهم. وقال عرعار، في اتصال مع ''الخبر''، أمس، إنه ينبغي على الأولياء البحث في أسباب رسوب أبنائهم عوض تعنيفهم لفظيا أو جسديا، ذلك أن ضعف العلامات يرجع بالدرجة الأولى إلى سوء التوجيه ونقص المتابعة والمساعدة في المحيط العائلي. ويرى عرعار أن تحميل المسؤولية للعائلة لا يعتبر حلا للمشكلة، وإنما ينبغي على الوزارة المعنية بالأسرة وجمعيات المجتمع المدني والمنظمات، أن تبحث عن حلول لتفادي مثل هذه الظواهر وكذا القيام بدورها في توعية الأولياء ومساعدتهم على تبني ثقافة الحوار داخل العائلة، ومرافقة الأسر من أجل إيجاد حلول وتفادي العنف. وتحدث عرعار عن حالات عالجتها شبكته لأطفال هربوا من منازلهم وتوجهوا إلى أقاربهم خوفا من العقاب، وحالات لأولياء اشتكوا من تدهور علامات أبنائهم وسوء سلوكياتهم، ليتضح في الأخير أن الوضع ناتج عن وجود نزاعات وخلافات داخل العائلة، داعيا، في هذا الصدد، إلى تدعيم المنظومة الاجتماعية بآليات جديدة لحمايتها، ذلك أنه غالبا ما لا يكون أفراد العائلة بالوعي المناسب لتفهم احتياجات الطفل. مؤشر على مشاكل أخطر وأضاف عرعار أن قضية الهروب نتيجة ضعف العلامات ما هي إلا مؤشر لوجود مشاكل أكثر حدة داخل العائلة ''ينبغي مرافقتها وعلاجها''، وطالب الأولياء بالتخفيف من حدة تعاملاتهم مع أبنائهم، ذلك أن الهروب من المنزل قادر على تعريض حياتهم للخطر، بالاستغلال أو الانحراف، مبرزا أن الحالات الأكثر عرضة لهذه الظاهرة تتراوح بين 12 و16 سنة. ووجه المتحدث نداءه إلى الأولياء قائلا: ''ينبغي أن يقوموا بالمرافقة اليومية لدروس أطفالهم، وأن لا يكتفوا بانتظار العلامات في نهاية الفصل، ذلك أن إخفاق الأبناء مؤشر على إخفاق أوليائهم أيضا''.