الخوف من الرسوب الدراسي للأبناء دفع بالأولياء إلى انتهاج كل الطرق لاجتناب ذلك، حتى لو كانت غير سوية لما تحمله من سلبيات للتلاميذ الآخرين، لاسيما إذا تفاعل بعض المعلمين مع تلك الطرق التي تبدو غريبة من أول وهلة، وهناك معلمون يرفضونها رفضا قاطعا كونها تخلق نوعاً من التمييز بين التلاميذ، وفيها تشجيع لمبدأ الأفضلية فيما بينهم، فيقنعون بعض الأولياء بأن كل التلاميذ يعاملون بالمثل ابتداء من المتفوقين وإلى غاية آخر تلميذ، وحتى ولو ثبت فشله بإحرازه على أضعف معدل فإنه سيحظى بنفس المعاملة التي يحظى بها غيره من التلاميذ. لكن وعلى الرغم من ذلك هناك من استمر في عناده وراح يغدق على المعلمين بالهدايا بين الفينة والأخرى، ويغتنم المناسبات لأجل ذلك، ناهيك عن تحين الفرص لملاقاتهم والتقرب منهم، فشيء إيجابي أن تكون علاقة التلميذ بالأستاذ علاقة مبنية على أسس متينة، وأن يأخذ المعلم دور الأولياء في ساعات الدوام الدراسي، وأن تبنى تلك العلاقة على الطبيعة وليس لأغراض نفعية، فمن واجب المعلم أن يهتم بكل التلاميذ في شتى أمورهم الدراسية بدون مقابل، ولا ننفي أن هناك من التلاميذ من يزودون معلميهم ببعض الهدايا تعبيرا عن حبهم لهم لاسيما وإن كان المعلم في مرتبة الأولياء فإنه سيكسب التلميذ لا محالة في وقت قصير. لكن هناك أسراً تعمد إلى تلك الأساليب الملتوية لأهداف شتى خاصة أولياء التلاميذ المتذبذبين، حيث يهتدون إلى تلك الطرق لكسب اهتمام المعلم بابنهم أو ابنتهم، متناسين أن ذلك الأمر هو من واجب المعلم الذي يقع على كاهله الاهتمام بالتلميذ الناجح وبذل الجهد لإنقاذ التلميذ الفاشل. تقول إحدى المعلمات بالطور الابتدائي في هذا الصدد إنها خلال مسيرتها العملية منذ سنوات رأت الكثير في المجال الذي تشغله، وكان لها احتكاكٌ مع الأولياء من مختلف الطبقات الفقيرة والغنية والمتوسطة، وتختلف العلاقة بين المعلم وأولياء التلاميذ باختلاف الطبقات لكن ليس للمعلم أي دخل فيها بل يحاول بقدر جهده هدم تلك الطبقية بين التلاميذ التي يتعمد بعض الأولياء خلقها، وقالت إنه بالفعل هناك أولياء يحاولون التودد للمعلم والتقرب منه، وتلك المعاملة تصدر خاصة من أولياء التلاميذ المتذبذبين، فحسب ذهنياتهم أن تلك السلوكات سوف تحقق ما يصبون إليه وهو تفوق أبنائهم بكل الطرق، إلا أن ذلك الطريق لا يؤدي إلى أي شيء والنجاح يكون بالمراقبة الدورية للتلاميذ بعد خروجهم من المدارس. وأضافت أنه وخلال مسارها المهني صادفت مثل تلك الأمور، فهذه تجلب لها الفواكه مع اللمجة اليومية وتمنحها إياها وتقول إن أمها هي من بعثتها خصيصا، وأخرى تغتنم المناسبات والأعياد لتأتيها بأطباق الحلويات، وآخر يزودها بالعطور ومواد التجميل. وأضافت أنها غالبا ما تصد تلك المعاملات وتشفق على العائلات التي تثقل كاهلها بمثل تلك الأمور، وعادة ما تضطر إلى استدعاء الأولياء لتوضح لهم أنها لا تقبل مثل تلك الممارسات كون أن اهتمامها بالتلاميذ يفرضه عليها الواجب المهني دون غيره، الناجحون منهم والمتذبذبون، ولم تنف أن هناك معلمين يتفاعلون مع تلك الأمور، إلا أن الكثير منهم يرفضونها ويرون أن اهتمامهم بالتلاميذ يكون تبعا لتأدية الواجب المهني، كما أن نجاح التلميذ يتحقق بتكاثف جهود المعلم في المدرسة والأولياء في المنزل ورقابتهم المستمرة لأبنائهم وليس بتلك الممارسات.