خرجت الجزائر من أوسع تصنيف دولي لمستوى التعليم للعام 2015، والذي أعدته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، هذا الإقصاء من شأنه إثارة نقاشات عديدة حول الوضع الكارثي الذي آلت إليه منظومتنا التربوية، خصوصا إذا علمنا العلاقة القوية بين مستوى التعليم والنمو الاقتصادي للبلد، ويعد غياب بلادنا عن هذا التصنيف الدولي للتعليم بمثابة (صفر كبير للمدرسة الجزائرية). أظهر تصنيف حديث لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تأخر الدول العربية في مستوى التعليم وخروج الجزائر منه، فيما احتلت دولة الإمارات العربية المرتبة ال 45 في الجدول والأولى عربيا. وجاءت البحرين في المرتبة ال 57، ثم لبنان في المرتبة 58، والأردن في المرتبة 61، وتونس في المرتبة 64، والسعودية في المرتبة 66، وقطر في المرتبة 68، احتلت عمان المرتبة 72، والمغرب في المرتبة 73، إلا أن التصنيف لم يذكر مصر.بينما تصدرت 5 دول آسيوية القائمة، حيث تربعت سنغافورة على القمة وبعدها هونغ كونغ ثم كوريا الجنوبية، وتتشارك كل من اليابان وتايوان في المستوى الرابع، بينما تحتل دول من أفريقيا وأمريكا الجنوبية مراتب متدنية. وتأتي بريطانيا في التسلسل 20 وهي من بين الدول الأوروبية ذات الأداء العالي، لكن الولاياتالمتحدة تحتل الرقم 28. وترى لجنة بحث تابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن هناك علاقة بين مستوى التعليم والنمو الاقتصادي للبلد، فكلما كان مستوى التعليم مرتفعا كلما تحسن الأداء الاقتصادي. ويقدم التحليل، المستند إلى النتائج المحرزة في الرياضيات والعلوم، أوسع خارطة لمستويات التعليم حول العالم. والمؤشر الذي استخدم على نطاق واسع كان اختبارات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية المعروفة باسم "اختبارات البيتزا"، التي ركزت على أكثر البلدان الصناعية رخاء.لكن التصنيف الأخير يشمل مدى أوسع للبلدان؛ حوالى ثلث بلدان العالم، ويبين موقع بلدان مثل إيران وجنوب أفريقيا وبيرو وتايلندا بالمقارنة العالمية. هذا، ويواجه التعليم في الجزائر معضلات ورهانات، حاضرة ومستقبلية، فرضتها العولمة والثورة التكنولوجية المتسارعة في العالم، وخاصة تكنولوجيا المعلومات. كلّ هذه العوامل تدفع خبراء ومختصين وفاعلين في الأسرة التربوية للمطالبة بضرورة فتح نقاش على مستوى عال، حول وضع ومستقبل المدرسة والجامعة الجزائرية. كما تلزم آراءهم القائمين على المنظومة التربوية في بلادنا بالعمل على إيجاد صيغ جديدة للتعاون، وإعادة النظر في التنظيم، والمناهج، والبرامج، وكل ما يتصل بالعملية التعليمية. والهدف واضح وهو إعداد الكوادر المؤهلة لمتابعة مسيرة التطور السريع. ومن أشد المنتقدين للمنظومة التعليمية في الجزائر، نجد رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، عبد الرزاق فسوم الذي يؤكد أن هذه الأخيرة تتغير بتغير الأشخاص والأذواق، فيما يدعو لاستحداث مجلس أعلى للتربية والتعليم يعمل وفق منظومة ثابتة لا تتغير، بحيث يكون كل الوزراء المتعاقبين على المجال التعليمي محكومين بهذه الثوابت والأسس. ومن جهتها، تؤكد وزيرة التربية السابقة، زهور ونيسي أن قطاع التعليم قد أصبح حقلا للتجارب بعد ظهور التعددية السياسية، حيث طفت إلى سطح المنظومة التربوية صراعات حادة بين النقابات والأساتذة من جهة والوزارة من جهة أخرى، لتكون النتيجة حسبها تدني مردودية التلميذ والمنظومة ككل. يذكر أن تقريرا دوليا آخر وضع الجزائر في ذيل ترتيب قائمة أفضل الأنظمة التربوية المنتهجة في العالم، في الوقت الذي صنفت كوريا الجنوبيةواليابان كأحسن الدول، حسب مؤسسة "بيرسون فيو" العالمية المختصة بتقييم درجات التعليم لدى الدول، فيما يعد المعلم الجزائري الأضعف دخلا واحتراما وظيفيا بين نظرائه في دول المغرب العربي وفق دراسة أخرى.