أعرب أمس، سفير كوريا الجنوبية السيد شوي سونغ جو بمركز الدراسات الإستراتيجية لجريدة ''الشعب'' عن افتخاره بتجربة بلاده التي تعد من الشواهد الحديثة على قدرة الدول على تسخير إمكانياتها المتاحة من أجل تحقيق انجازات غير مسبوقة، حيث تعد القوة الاقتصادية العاشرة في العالم . ويعد الاستثمار في الموارد البشرية من بين العوامل التي اعتمدت عليها كوريا في نهضتها التنموية وذلك عن طريق التركيز على دعم التعليم وتطويره وتحسين مدخلاته والاهتمام بتنميتها وتأهيل وتدريب العمالة. وتمكنت كوريا الجنوبية من أن تجعل من تربيتها أداة فعالة في مسيرة التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية على أرضها، فالصياغة التربوية والهيكل التنظيمي الحديث يشهد لهما بالجودة والالتزام، فثمار التربية في كوريا الجنوبية تلمس وتُرى. والنظام التربوي فيها نظام حديث يهتم بصورة فعالة بإكساب المهارات وتعزيز القدرات الأساسية ويهتم بالتطوير النوعي للتربية العلمية ويضع الثقافة الحديثة المتطورة نصب عينيه وهو يشارك بدور كبير في عمليات التنمية من خلال بناء الإنسان الواعي المبد والملتزم بالعمل والأخلاق، ويقف النظام التربوي بكل قوة ليعزز مكانة التربية والتعليم، فيهتم منذ مرحلة روض الأطفال بتربية الأطفال وبناء أجسامهم وتنمية لغتهم وذكائهم وغرس قيم التكيف الاجتماعي في نفوسهم وسلوكهم إلى غاية المرحلة الجامعية، يضيف السفير . وينبع الاهتمام بالتعليم في كوريا من الفلسفة الكونفوشيوسية ومن النصائح البوذية، حيث تنظر الفلسفة الكونفوشيوسية إلى التعليم على أساس أنه المفتاح الوحيد للنجاح في المستقبل والحاضر، حيث أن هدف التعليم هو استفادة كل الجنس البشري وما زالت هذه التقاليد قائمة في الحياة الاجتماعية للشعب الكوري. وصرّح السفير الكوري على أن الدولة أولت اهتماما كبيرا للتعليم كوسيلة لتحقيق الذات والتقدم الاجتماعي، ولقد كان ولا يزال للمتعلمين في كوريا دور رئيس في نموها الاقتصادي السريع الذي حققته في العقود الثلاث الماضية، ويقوم النظام التعليمي في كوريا على وجود رؤية وفلسفة واضحة موجهة للتعليم وذلك بتحقيق المساواة في فرص التعليم واستمراريته، حيث نجحت كوريا في فتح أبواب التعليم لكافة أبناء الشعب، وإزالة الحواجز أمام كل فرد للالتحاق بأنماط التعليم المختلفة، كما أنها تضمن له الاستمرار في إكمال تعليمه إلى أقصى حد ممكن وفقا لقدراته واستعداداته وطموحاته. وأكد في مداخلته على أن التعليم المهني والجامعي يعد أحد الموارد البشرية التي تغذي الصناعة بالقوى العاملة الفنية، حيث يلتحق خريجي التعليم المهني مباشرة بسوق العمل خاصة وأن من مميزات التعليم في كوريا الجنوبية التقدم في العلوم التطبيقية والتكنولوجيا الحديثة، حيث تفتخر كوريا الجنوبية بتقدمها في مجال المعلومات والاتصالات، ولأن كوريا دولة صناعية، فإن توجهات الطلاب الجامعيين تتجه لدراسة المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا والهندسة بكل أقسامها، ولذلك فإنها تركز على التعليم الإلكتروني، لأنه خيار المستقبل للدولة، فالدولة لا تسمح بالفشل، بل تطمح دائما للعمل المستمر والتكوين المتطور وحتى التوظيف يتم عن طريق المسابقات لاختيار الأجدر وليس كما هو معمول به في بلادنا ''راقدة وتمونجي''، فأين الجزائر من هذا النظام التعليمي والتربوي الفعال . وعليه تعد التجربة الكورية أنضج تجارب النمو الآسيوية التي تستحق الدراسة وتطبيقها في حدود خصوصيتنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحتى الجغرافية ذلك أن هذه الدولة كانت تشترك معنا إلى وقت ليس ببعيد في التخلف الاقتصادي بسبب خضوعها للاستعمار، لكنها استطاعت تحقيق نمو اقتصاد يمشهود.