تقرير حقوقي عربي يكشف انهيار منظومة العدالة في عهد الانقلاب * نشرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تقريرا لها انتقد أحكام القضاء المصري المثيرة للجدل التي طالت المعارضين لنظام المعارضة والمؤيدين للرئيس محمد مرسي الذي يواجه أيضا حكما بالإعدام، وتحت عنوان (جمهورية المشانق) وصفت المنظمة الحقوقية في تقريرها ما تشهده مصر من أحكام جماعية بالإعدام، بالانهيار الكامل في منظومة العدالة. أوضح التقرير الحقوقي أن مئات المصريين يواجهون خطر تطبيق عقوبة الإعدام في حقهم بعد محاكمتهم في قضايا ذات خلفية سياسية، ويبدو أن الحكومة المصرية عازمة على تنفيذ تلك الأحكام دون تمهل عقب انتهاء درجات التقاضي الشكلية المنصوص عليها في القانون المصري، على حد قولها. وتلقى مصر انتقادات دولية وحقوقية جراء (تغوّل الأجهزة الأمنية التي أنيط بها قمع المتظاهرين وقتلهم واعتقالهم وتعذيبهم وتمرير القضايا إلى النيابة العامة لتضفي عليها صبغة قضائية وتحيلها إلى دوائر قضائية خاصة اختيرت بعناية من قبل وزير العدل)، وفق تقرير المنظمة العربية، وأشار إلى أن آلاف الأشخاص يحاكمون أمام ساحات القضاء المصري بعد اتهامهم بقضايا في أغلبها ممارسات لمعارضة السلطة الحاكمة في إطار حرية الرأي والتعبير، المكفولين في القانون المصري، حيث أصدرت هذه المحاكم أحكاما قاسية بدءا من الإعدام وحتى المؤبد والحبس والغرامات المالية الباهظة. * القتل العمدي في ساحات القضاء أوضحت المنظمة العربية لحقوق الإنسان أن كافة المحاكمات التي انتهى قضاتها إلى الحكم بالإعدام في حق المتهمين لم تتوافر فيها المعايير الدنيا للمحاكمات العادلة، وكانت الأحكام فيها منتجا سياسيا بامتياز لتتعادل تلك الأحكام مع أي قرار إداري صادر عن السلطة التنفيذية. ذكر التقرير الحقوقي أن عدد الأشخاص الذين أحيلت أوراقهم إلى المفتي منذ الثالث من جويلية 2013 (الانقلاب العسكري) وحتى الثامن والعشرين من ماي 2015 بلغ 1665 مواطن، وهو إجراء تمهيدي للحكم بالإعدام من قبل القضاء المصري، ليتم تثبيت الحكم بعد ذلك على 530 منهم حتى الآن، من بينهم سبعة مصريين حُكموا بأحكام نهائية وباتة بعد استنفاد كافة طرق الطعن، ونفذت السلطات الإعدام بحقهم جميعا. وبيّن التقرير أن دوائر الإرهاب ومحكمة عسكرية كانت قد أصدرت تلك الأحكام في 22 قضية لا زالت أربع قضايا منها في انتظار رأي المفتي قبل الفصل فيها، ومن بين تلك الأحكام حكم واحد صدر من القضاء العسكري. واستعرض التقرير عددا من القضايا التي شهدت أحكاما بالإعدام وينتظر رأي المفتي فيها، وهو رأي استشاري غير ملزم. * انتهاكات في قضايا الإعدام تناول التقرير انتهاكات شهدها القضاء المصري في إصداره أحكاما بالإعدام على ناشطين سياسيين ومعارضين للنظام عبد الفتاح السيسي، حيث أوضحت أن كافة القضايا التي استعرضتها المنظمة العربية في تقريررها تمت بناء على أدلة واهية لا تكفي بأي حال لإثبات إدانة أي من المتهمين على ذمتها، وقال إن أوراق تلك القضايا حوت قدرا كبيرا من التناقضات والأمور اللا منطقية الواضحة التي كانت محل انتقاد العديد من المنظمات الحقوقية والتقارير الصادرة من الأممالمتحدة واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب وبعض الدول الأوروبية، وبيّنت أن كافة القضايا المذكورة تمت بناء على دليلين أساسين في الأغلب وهما (تحريات الأجهزة الأمنية السرية) و(اعترافات بعض المتهمين)، مضيفا أنه (بلا شك أن كلا الدليلين لا يمكن الوثوق بهما في ظل نظام ألغى حياد كافة مؤسسات الدولة، وعلى رأسها المؤسسات الأمنية، وفي ظل انتشار التعذيب في مصر بشكل منهجي لانتزاع اعترافات من المعارضين). ومن الانتهاكات التي تناولها التقرير (العيوب الجسيمة التي تحويها القوانين المصرية)، وذلك لنصها على عقوبة الإعدام لأكثر من 105 جرائم، سواء المتعلق منها بقانون العقوبات أم القانون العسكري أم قانون الأسلحة والذخائر، م القوانين الجنائية الخاصة، موضحا أنها (نصوص صيغت في أغلبها بشكل فضفاض غير محدد، وتفتح الباب للتوسع في العقوبة بحق أي معارض سياسي)، وأوردت كذلك حرمان المتهمين في كافة القضايا من حقهم في الدفاع عن أنفسهم بصورة كاملة)، حيث رفضت المحاكم النظر في دفوعهم القانونية أو التحقيق في الانتهاكات التي تعرضوا لها من قبل أجهزة الأمن، خاصة وقائع انتزاع الاعترافات تحت وطأة التعذيب. وجاء في التقرير أن العديد من تلك القضايا تخللها أخطاء مهنية جسيمة مثل الحكم على أشخاص قد توفوا أو معتقلين خارج مصر، كما هو الحال في قضية التخابر مع حركة حماس أو أشخاص سافروا منذ سنوات أو معاقين جرى اتهامهم بارتكاب أعمال عنف وقتل وتخريب مثل ما حدث في قضية أحداث المنيا، وكذلك في قضية عرب شركس التي نُفذ حكم الإعدام فيها في ستة متهمين، رغم ثبوت اعتقال بعضهم قبل حدوث الوقائع التي حوكموا فيها بأشهر. وصدرت بعض تلك الأحكام في حق المئات في جلسة واحدة أو جلستين، وفي دقائق معدودة لا تكفي القاضي كي يقرأ أسماء المتهمين، فضلا عن بحث القضية، وتفنيد ما بها من أدلة. * أحكام قضاء إرهابية خلص تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان إلى أنه لا فرق بين جملة الجرائم المروعة التي ارتكبها النظام المصري في حق المواطنين وممارسات الجماعات الإرهابية التي يدعي محاربتها، "فلا فرق بين من قتل برصاص أو بحكم تعسفي، فكلا الأمرين مناهض للقوانين المحلية والدولية، وأضاف أن السلطات المصرية أوغلت منذ جويلية 2013 في دماء المصريين وفي استباحة غير ودعت في توصياتها إلى ملاحقة كل من تورط في أحكام الإعدام بتهم القتل العمدي والتآمر لارتكاب هذه الجريمة، وعلى وجه الخصوص القضاة شعبان الشامي، محمد ناجي شحاته، سعيد صبري، معتز خفاجي، صلاح حريز وغيرهم، إضافة إلى النائب العام هشام بركات، ومن وصفته ب (مفتي الإعدام) شوقي علام.