يقال إن أشهر الطباخين في العالم »رجال« لذلك فإن المرأة مهما تفننت وأتقنت وأبدعت في هذا المجال، إلا أن الرجل يتفوق عليها دون شك، ويبدو أن بعض الرجال لم يكتفوا بالعمل كطباخين في أشهر المطاعم والفنادق، بل اقتحموا حتى مجال الأعراس والولائم والحفلات، التي كانت في وقت سابق حكرا على السيدات. وعلى الرغم من أنهم كانوا متواجدين منذ سنوات عديدة، إلا أنهم ظهروا بقوة خلال السنوات الأخيرة، حيث ازداد انتشارُهم واعتماد العائلات الجزائرية عليهم بكثرة، في أعراسها وولائمها، إنهم الطباخون الذين يتكفلون بإعداد أطباق الوليمة كلها من البداية إلى النهاية، بدءا بإعداد الأطباق المطلوبة والمتنوعة وانتهاء بتوزيعها وغسل الأواني وترتيب المكان، حتى وإن دام ذلك إلى ساعات متأخرة من الليل. ويزداد الطلب على خدمات هؤلاء منذ انطلاق موسم الصيف، وإن كانوا يعملون بشكل ملفت وجيد في غيره، إلا أن الصيف وباعتباره الفصل الذي يختاره الجزائريون بكثرة لإقامة أعراسهم، يعتبر أكثر الفصول نشاطا بالنسبة للطباخين، الذين صاروا ينافسون النساءاللواتي اضطررن إلى تخفيض أسعارهن بشكل ملفت للانتباه، يصل في بعض الأحيان إلى حدود المليون سنتيم أو أقل رغبة في احتكار المنافسة، إلا أن الصراع بين الجانبين يبقى على أشده ويزداد حدة في فصل الصيف خصوصا. وتتجه بعض العائلات الجزائرية إلى طلب خدمة »الطباخين« في أعراسها، تفاديا للفوضى أحيانا، ولعدم وجود من يحسن إعداد أطباق الولائم والوقوف عليها، إلى غاية انتهاء جميع المدعوين، سواء اقتصرت على »الكسكس« أو تجاوزته إلى أطباق أخرى كثيرة ومتنوعة، نظرا لانشغال أصحاب العرس من السيدات بأمور أخرى كثيرة، أو لعدم وجود يد العون والمساعدة، أو لقيام أصحاب العرس بنحر أكثر من شاة واحدة أو ثور في بعض الحالات، ولأن الكثير من الطباخين حاليا أثبتوا وجودهم وصنعوا لأنفسهم سمعة طيبة جدا، فقد صارت الطلبات تنهار عليهم من كل حدب وصوب، خصوصا مع رغبة الكثير من العائلات الجزائرية في التخلص من أكبر الأعباء الممكنة وتفادي الفوضى وضيق الوقت وغيرها من الأمور التي ينشغل بها أصحاب العرس في العادة. وعلى الرغم من أن أسعار هؤلاء تصل إلى مستويات قياسية أحيانا، إذ لا تقل أتعاب الواحد منهم عن الثلاثة ملايين سنتيم في الليلة الواحدة، وعن الكبش الواحد، ويزداد السعر بزيادة عدد رؤوس الماشية المخصصة للوليمة، ومع هذا فإن عددا من العائلات تعتبر الأمر هينا بالنظر إلى الخدمات المقدمة، سيما وإن صادف يوم »العشاء« يوم العرس، ما يجعل أصحاب العرس غير قادرين على القيام بواجب ضيوفهم على أكمل وجه. وغالبا ما يرافق الطباخ أحد مساعديه، إضافة إلى اثنين أو ثلاثة آخرين يتكفلون بتوزيع الأطباق، ثم غسل الأواني وتنظيف المكان بعد ذلك، ما يعني أن أصحاب العرس يتكفلون بالإشراف على ضيوفهم وتفقد ما يحتاجون إليه فقط، وهي الظاهرة التي أثبتت وجودها بقوة في السنوات الأخيرة. ----------