"أخبار اليوم" تزور الأسواق الفوضوية للّحوم عشية رمضان 600 دينار فقط مقابل كيلو اللحم في قصابات جديوية ومقطع خيرة فقراء الجزائر.. من هنا يشترون ككل موسم وقبل أيام معدودة من دخول شهر رمضان الكريم تشهد الأسواق ارتفاعا محسوسا في جميع المواد الغذائية خاصة اللحوم وبشتى أنواعها، إلا أن ما وقفت عليه أخبار اليوم بمنطقة مقطع خيرة بولاية البليدة وبمنطقة جديوية واد رهيو بولاية مستغانم مخالف لكل التكهنات ومثير للدهشة، حيث وجدنا أسعار ملفتة للانتباه خصوصا الغنم والماعز وفي متناول المناطق التابعة لمدينة مستغانم وضواحيها. روبورتاج: مليكة حراث تعرف مدينة مستغانم، إقبالا كبيرا منقطع النظير لاقتناء اللحوم بأنواعها وهذا نظرا للثمن المعقول، حيث يتراوح سعره بين 750 إلى 800 للكيلوغرام الواحد. ثمن تنافسي حقا ويسيل اللعاب، وعلى المسافر أو المتنقل نحو مدينة مستغانم أو غيلزان أن يتأكد من ذلك أثناء رحلته وتوقفه بمنطقة واد رهيو أو سيدي خطاب أين توجد قصابات (تقليدية) متراصة وغير متباعدة عن بعضها البعض ومحاذية للطريق وغير بعيدة عنها من 2 إلى 10 أمتار، بحيث يتجاوز عددها أزيد من 30 قصابة مغطاة بالقش أو الزنك وجدرانها تختلف من الحجري أو الطيني إلى القصب وكلها تحمل لافتات قصابة لبيع اللحم الغنم والماعز. من هنا يشتري الفقراء وما شدّ انتباهنا هو الإقبال الواسع للمواطنين، وثمن عرض بيع اللحم بأثمان معقولة وفي متناول الجميع، حتى يصل سعره إلى 600 دينار أو أقل أما المحور الثالث أو الجانب الآخر والذي لم نجد له جوابا شاف هو الوضعية القانونية لهؤلاء التجار الذين يبيعون اللحم على قارعة الطريق دون مراقبة أو رقيب في غياب أدنى شروط القصابة من المبردات إلى نظافة المكان، وفي كل هذه الحالات المعروفة أو المجهولة يبقى المواطن غير مبالي بها تماما وما يهمه هو أكل لحم الأحمر خصوصا وأنه لحم الغنم ولا يهمه إن كان نعجة أو خروفا فالمهم ما يقابل به في هذا الشهر الفضيل. ونفس الوضعية نجدها في سوق مقطع خيرة الذي يشهد هو الآخر إقبالا منقطع النظير حيث تتنوع به بيع كل أنواع اللحوم الحمراء والبيضاء خاصة (الديك الرومي) الذي يصل ثمنه بين 300 إلى 400 للديك الواحد يباع هو الآخر على قارعة الطريق والمواطن يستهلك كل شيء دون أي خوف، وهو ما وقفنا عنده بإحدى هذه القصابات واستفسار الناس من المسافرين ومستعملي طريق سيدي خطاب عن ثمن اللحم، حتى يتفاجأ السائل بالجواب من صاحب القصابة ثمن الكيلوغرام الواحد 700 دينار وحين تهم بمغادرة القصابة نحو الأخرى يخفض الثمن ب 400 دينار وهو ما يجعلك توافق و تأمره بأن يزن لك قطعة معينة من اللحم المعلق وإذا لم ترض بثمن 400 دينار فأكيد بأنه سيخفض من قيمة اللحم مرة أخرى يصل إلى 650 دينار وهو المبلغ الذي تستحي أن تقول له مرتفع قليلا لأنه هو الآخر يدرك و يعرف تمام المعرفة كم ثمن لحم الخروف بالأسواق عبر التراب الوطني سيما في وهران أو الجزائر العاصمة ومدن أخرى ويجيبك على الفور بثمن لحم الخروف بأقرب ولاية مجاورة سواء البليدة الأربعاء أو العاصمة وأيضا المناطق الأخرى فثمن لحم الخروف بهذه الولايات لا يقل عن 120 دينار، ناهيك عن ثمن لحم الماعز الذي هو الآخر أصبح في السقف بهذه الولايات و جاوز سعره بالأسواق الشعبية 800 دينار، وبهذا يؤكد للزبون بأنه على دراية بالأسواق ويطمأنه بأنه يبيع اللحم بهذه القصابة من أجل عيالة أسرته والفائدة لا تتعدى 200 دينار للرأس الواحدة، وبعيد عن هذه الجزارة وأخرى ترى أشخاص موزعين المهام بينهم، فهناك من يقوم بعملية الذبح و السلخ ومن يقوم بعملية البيع وغير بعيد أيضا عن الطريق ترى قطيع من الغنم متناثرة هنا وهناك وهي ترعى دون رقيب وهو الشيء المؤكد بأنها لأصحابها من أصحاب القصابات وهي كلها معروضة للبيع أو النحر. وقبل مغادرة هذا المكان المخصص و المتخصص في بيع اللحم بأثمان الرحمة أخبرنا إحدى الجزارة بأن كثير من المختصين في بيع اللحوم من الولايات المجاورة يأتون الى هذه القصابات ويأخذون اللحم بأثمان زهيدة لإعادة بيعها بأثمان مرتفعة محققين فوائد بنسبة 100 % . وفي جولتنا هذه وقفنا على حقائق بالعين المجردة ولكن الشيء الذي لم نقف عليه ويبقى لغزا مطروحا ما هي الحالة القانونية لهؤلاء التجار أو القصابين؟ هل يملكون سجلات تجارية؟ هل يدفعون الضرائب؟ هل هم من مخالفين للقانون وتعد محاكمتهم شرعية؟ وفي ظل هذا وذاك ، كيف يبيعون اللحم بأثمان زهيدة وتعد منخفضة عن ثمنها الحقيقي بنسبة 100 %؟ هل هناك لعبة خفية وراء عملية البيع أو حسابات دقيقة لا يدركها إلا صاحب قصابات جديوية ومقطع خيرة؟ . وفي كل حالات فأمر بيع اللحم على قارعة مقطع خيرة وجديوية ليس وليد اليوم بل تعدى سنوات طويلة ويعود الى السبعينات خصوصا منطقة جديوية بولاية مستغانم التي يطلق عليها سوق الرحمة أو شعارات مكتوب عليها (اللحم بأثمان الرحمة) فكل من يقصد المنطقة المذكورة يقتني اللحم بثمن زهيد ومعقول.