ق.حنان تبقى ظاهرة بيع اللحوم الحمراء على قارعة الطريق، أو في طاولات مخصصة لذات الغرض، على الهواء الطلق، أي خارج الثلاجات أو البرادات الخاصة بها، أمرا واقعا عبر العديد من أسواقنا الشعبية، أو المغطاة على حد سواء، ولا يقتصر الأمر على اللحوم فحسب، بل يشمل أيضا، بقية أعضاء وأحشاء الخروف الداخلية، التي يتم عرضها في الهواء مباشرة، تحت أشعة الشمس، منذ الساعات الأولى للنهار والى غاية ساعات المساء، بعد أن ينتهي الإقبال على السوق. ونجد في الكثير من الأحيان، بعض الأشخاص الذين ينصبون طاولات بيع اللحوم هاته بمدخل الأسواق، عارضين فيها اللحوم الحمراء، سواء كانت مقسمة إلى أجزاء صغيرة، أو كانت أنصاف شياه، بالإضافة إلى بقية الأعضاء الأخرى، كرأس الخروف وأحشائه المشتملة على الكبد والقلب والفؤاد والرئتين والكرش، التي يتم وضعها داخل أوان بلاستيكية معدة سلفا لذلك، ولا يبدو المنظر صحيا أو طبيعيا بتاتا، بالنظر إلى الروائح المنبعثة من تلك اللحوم، أو بالنظر إلى تغير لونها، وكذا الحشرات والقطط الدائرة حولها، وبالنظر إلى أسعارها المنخفضة نسبيا عن أسعار نظيرتها في محلات القصابة والجزارة، والتي قد تكون اقل منها بحوالي 100 إلى 150 دج في الكثير من الأحيان، فإن الإقبال على اقتنائها من طرف المواطنين يكون في العادة اكبر مما هو عليه في المحلات المخصصة لبيع اللحوم. ويصل ثمن الكيلوغرام من اللحم على مستوى هذه الطاولات إلى 690 أو 720 دج، كما أن ثمن الكرش لا يتعدى 150 دج، في حين أن رأس الخروف أو البوزلوف يتراوح ما بين 200 إلى 300 دج، وهو ما يتيح خيارات كثيرة ومتعددة للمواطنين الذين يهربون إليها من لهيب الأسعار لدى محلات الجزارة، على الرغم من المخاطر الكبيرة المترتبة عن استهلاكها، خاصة عندما يتم تعريضها فترات طويلة من اليوم للعوامل الخارجية كالهواء والرطوبة وأشعة الشمس، والظروف والمتغيرات الجوية عامة، وكذا الاغبرة ودخان السيارات والحشرات الضارة وغيرها، بسبب القيام بعمليات الذبح أساسا بطريقة عشوائية بعيدا عن أعين الرقابة الصحية، هذا فضلا عن الأضرار البيئية الأخرى المنجرة عنها، نتيجة التخلص من الفضلات و الدماء الناتجة عنها في الشارع وبالقرب أساسا من أماكن ذبحها، ودون التأكد من مدة صلاحيتها. وعلى الرغم من الإجراءات الصارمة التي قامت بها السلطات المعنية لأجل القضاء على الأسواق الفوضوية وطرق البيع غير الشرعية، إلا أن القضاء على مثل هذه المظاهر والتصرفات، لم يعرف الحل النهائي بعد، وهي المظاهر التي نجدها أيضا في بعض الحالات حتى في عدد من محلات الجزارة، التي يقوم أصحابها بتعليق اللحوم وبقية أعضاء الخرفان الأخرى على الهواء الطلق وخارج الثلاجات، طيلة اليوم، مع أن الانتباه إلى عرض مثل هذه المواد الاستهلاكية في شروط صحية عالية، يبقى أمرا يكتسي أهمية كبيرة حفاظا على صحة المستهلك بالدرجة الأولى.