اِحتضنت بلدية بازر سكرة بدائرة العلمة، شرق ولاية سطيف، يوم السبت ندوة تاريخية تعدّ الأولى من نوعها حول المناطق المحرّمة والمحتشدات أثناء الثورة التحريرية الكبرى من تنظيم المكتب البلدي لأبناء المجاهدين بالبلدية بمساهمة الأسرة الثورية ببلدية بازر سكرة وبلدية أولاد تبان الواقعة جنوب غرب الولاية. شارك في هذه الندوة التاريخية أعضاء الأسرة الثورية، منهم الأمين الولائي لمنظّمة أبناء المجاهدين، رئيس جمعية 8 ماي 1945 ورئيس المكتب الولائي لجمعية مشعل الشهيد، فضلا عن أساتذة وباحثين في التاريخ، على غرار الدكتور والأستاذ الجامعي شمبازي محمد الذي قدّم مداخلة بعنوان (المناطق المحرّمة والمحتشدات بولاية سطيف)، حيث قال إن الاهتمام حاليا ينصبّ على الجانب العسكري والسياسي للثورة فقط، في حين تمّ نسيان الجانب الاجتماعي والمتمثّل في كفاح الشعب الجزائري ومعاناته، لا سيّما في المعتقلات والمحتشدات التي بلغ عددها 19 محتشدا على مستوى الولاية بحدودها الجغرافية الحالية، كما يوجد بالولاية أحد أكبر المعتقلات على مستوى الشرق الجزائري وهو معتقل قصر الطير الواقع ببلدية قصر الأبطال. وأضاف الدكتور شمبازي محمد أن الاستعمار الفرنسي أقام حوالي 2600 محتشد في الجزائر كانت الثلاثة الأولى منها بمنطقة الأوراس على مستوى كلّ من مشونش، تكوت وبوحمامة وأحاطها بالأسلاك الشائكة التي تمّ صنعها في الولايات المتّحدة الأمريكية، ليتمّ استعمال هذه الأسلاك في إنجلترا في مزارع الحيوانات ثمّ تمّ استعمالها في تسييج المحتشدات، مضيفا أن عدد الجزائريين الذين تمّ وضعهم في المحتشدات بلغ مليونين و157 ألف جزائري وهو ما يعادل ربع الشعب الجزائري، وإذا ما تمّ احتساب عدد النازحين -يضيف المتحدث- فإن العدد يصبح يضاهي نصف الشعب الجزائري آنذاك، وهو ما زاد من تعميق الأزمة الاقتصادية للأسر آنذاك حسب شهادات قال إنها لمؤرّخين فرنسيين. وعن اختيار مواقع المحتشدات أضاف السيّد شمبازي أنه يتمّ اختيار الأماكن المكشوفة والواقعة قرب الثكنات وبجوار الطرق لتسهل مراقبتها، حيث تمّ إنشاء محتشد بازر سكرة وسط 03 ثكنات عسكرية وبمحاذاة الطريق الوطني الرّابط بين ولايتي سطيف وباتنة. للعلم، تمّ تهجير كلّ سكّان بلدية أولاد تبان إلى محتشد باز سكرة في 16 جوان سنة 1958، حيث فاق عددهم الألفين، توفّي منهم أكثر من 700 طفل و200 شيخ بسبب الأمراض والجوع، وبعد الاستقلال رجع أغلبهم إلى مسقط رأسهم، غير أن عشرات العائلات بقيت تقطن في المحتشد وما تزال إلى غاية الآن تسكن البيوت الطينية، وفي هذا الإطار طالب عدد من المشاركين بضرورة إسكانهم في بيوت لائقة والحفاظ على ما تبقّى من المحتشد ليبقى رمزا لهمجية الاستعمار الفرنسي.