دعا المشاركون في النّدوة الدولية للوسطية إلى العمل على تأسيس مرجع ديني مغاربي معتدل لتفويت الفرصة على بعض الأطراف التي تستغلّ حماس الشباب لجرّه إلى مستنقع التشدّد والمغالاة تحقيقا لأهداف معيّنة، وأضاف المشاركون أن غياب مرجع ديني مغاربي يعتبر ثغرة كبيرة في المنظّمة الدينية لهذه الدول وفجوة يتسلّل منها أعداء الإسلام لنشر سمومهم، سواء كانت أفكارا متطرّفة ناحية الدين الإسلامي أو أفكارا غريبة لإدخاله في ديانات أخرى· وأكّد المشاركون أن هذا المؤتمر يأتي لإبراز أهمّية الاستقرار السياسي والاجتماعي والثمن الذي دفعته الجزائر جرّاء الفوضى والتطرّف الديني لدى بعض الجماعات، مشيرين إلى أن المنتدى العالمي للوسطية ينظّم مؤتمرات وندوات دولية حول نشر الوسطية وقيم الاعتدال والتسامح وإبراز صورة مشرّفة للإسلام، وقد عقد لأجل ذلك ندوات ومؤتمرات عديدة في اليمن، الباكستان، مصر، الجزائر، وغيرها من الدول الاسلامية والصديقة· وفي تدخّل له خلال افتتاح النّدوة التي تحمل عنوان منهج الوسطية ودورها في الحفاظ على السلم الاجتماعي، أبرز الأمين العام للمنتدى العالمي للوسطية مروان الفاعوري أن منهج الوسطية يؤمن بتجميع الطاقات من أجل الارتقاء بالأمّة الإسلامية إلى تحقيق آمال شعوبها· كما أن هذا الاتجاه يعبّر عن الفكر الإسلامي الصحيح من خلال تكريس التعايش بين الشعوب الإسلامية والائتلاف والحبّ بدل الضغينة والكراهية· كما أثنى المتدخّل على جهود المفكّر الجزائري المرحوم مالك بن نبي في وضع تصوّر عصري للمشاكل التي تواجه العالم الإسلامي وحلول لها· من جهته، أكّد رئيس حركة مجتمع السلم أبو جرّة سلطاني أن انعقاد النّدوة في الجزائر يعدّ تتويجا لمسار طويل للوسطية والاعتدال في مواجهة العنف والإرهاب فكريا وعن طريق الحجّة· وبعد أن أشار إلى أن الدين الإسلامي قد ألصقت به الكثير من التّهم المتعلّقة بالإرهاب والعنف، أوضح سلطاني أن الوسطية يراد منها التأكيد بأن الإسلام ما جاء ليقتل النّاس وإنما جاء ليحييهم· بدوره، دعا المحامي المصري منتصر الزيّات إلى ضرورة وضع مشروع للوسطية في مواجهة الفكر المتطرف، كما حيّا في كلمته رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي قال إنه عمل منذ تولّيه رئاسة الجزائر على معالجة أوضاع شاذّة من خلال حقنه لدماء الجزائريين مثلما تقتضيه مسؤولية رئيس الدولة وذلك عبر الوئام المدني والمصالحة الوطنية· أمّا الدكتور أحمد نوفل من الأردن فقد أكّد أن الفكر المتشدّد والفكر المائع كلاهما تخريب، ممّا استدعى طرح فكر وسط يجمع ما في الدين والدنيا والفكر الإنساني من خير ويؤمن بالحوار وبالانفتاح دون تعصّب أو إنغلاق، مشيرا إلى أن هذا التوجّه هو الكفيل بتحقيق السلم والازدهار· كما كان لرئيس جمعية الإرشاد والإصلاح نصر الدين شقلال تدخّلا ركّز من خلاله على الدور الذي لعبته الجمعية خلال فترة المأساة الوطنية في التسعينيات عندما تصدّت بفكرها المعتدل للتطرف والتشدد· كما ركّز المتدخّل على ضرورة إسهام العلماء والجمعيات والمجتمع المدني في تبنّي هذا المنهج وإثرائه من أجل حلّ مختلف المشاكل التي تواجه الشعوب الإسلامية· للإشارة، فإن المشاركين في النّدوة يعكفون على دراسة جملة من المواضيع ذات صلة بمنهج الوسطية، منها مفهوم الوسطية وملامحها في الفكر الإسلامي والوسطية ودورها في استقرار الجزائر والتحدّيات التي تواجه الوسطية·