أكد أمس الدكتور السعيد مقدم الأمين العام لمجلس الشورى المغاربي أنه حان الوقت لإعادة نسج وتفعيل علاقات دول إتحاد المغرب العربي، لتكريس علاقات حقيقية ترتكز على التوافق والثقة وتقاسم المصالح، معتبرا مشروع بناء إتحاد مغرب عربي الذي ما زال يراود أجيال هذه البلدان سيظل مشروعا إستراتيجيا حضاريا واعدا يستحيل أن نحيد عنه، ودعا إلى ضرورة مراجعة المنظومة الإتحادية للمغرب العربي، رافعا مقترح الإرتقاء بمجلس الشورى المغاربي إلى برلمان تسند له سلسلة من الصلاحيات التي يتمتع بها نظرائه من المجالس والتكتلات الدولية . واعترف أن الترسانة القانونية للإتحاد لا تتضمن سوى 37 إتفاقية وقرارا ما زالت معطلة التنفيذ قال الدكتور السعيد مقدم في ندوة فكرية نشطها بمركز الدراسات الإستراتجية ليومية /الشعب/ في الذكرى العشرين لإنشاء إتحاد المغرب العربي سنة ,1989 ونسعى جاهدين على توفير المناخ الخصب لغرس روح المواطنة المغاربية في فضاء مغاربي أوسع ينعم بجميع القيم وفق المرجعية الثقافية والدينية لهذه الدول عبر المناهج التربوية والمنظومة التشريعية والمحيط الخارجي، معترفا في سياق متصل بأن الدراسات السوسيو ثقافية في المغرب العربي قليلة وضعيفة في آن واحد. وتطرق الدكتور مقدم إلى العمل المغاربي المشترك من حيث قيام الإتحاد والغاية من التكتلات الجهوية والدولية في المجتمعات المعاصرة، وتحدث عن الإتحاد المغاربي كنموذج، مبرزا مميزات المنطقة المغاربية في محيطها الجهوي والدولي ووقف في تقديره على العمل الآني لإتحاد المغرب العربي ومقتضياته. يرى الدكتور أن المنطقة المغاربية ببعدها الإستراتيجي ثرية بمقومات وعوامل إقتصادية في الأساس ذكر أنها قلما تتوفر لدى التكتلات الإقليمية الأخرى، ووصفها بالمنطقة الإستراتجية التي تزخر بكل المؤهلات التي تجعل منها قوة وطرفا مهما في نسج العلاقات خاصة تواجدها في المنطقة الجنوبية للبحر المتوسط، وبوابة إفريقيا. وأبرز الدكتور السعيد مقدم أهمية تكتل دول المغرب العربي حتى في المجال الجغرافي والبشري بالنظر إلى المساحة الشاسعة التي يتربع عليها والمقدرة ب 6 مليون كلم، حيث شكل نسبة 40 بالمائة من حجم مساحة العالم العربي و19 بالمائة من مساحة القارة الإفريقية، في حين يبلغ عدد سكان دول المغرب العربي حوالي 90 مليون نسمة . وحسب تقديرات الدكتور، فإن جميع المؤشرات باتت تؤكد أنه لم يعد بإمكان أي مجموعة جيوسياسية بحجم تكتل دول المغرب العربي أن تبقى معزولة عن المعلوماتية ويشترط أن يكون نصف سكانها تلقوا تعليما ثانويا وربعهم تعليما جامعيا، حيث إشترط إمتلاك العلماء وإيجاد أسواق كبيرة مندمجة ومستقرة في إطار التجمعات والتكتلات، على إعتبار كما أوضح الدكتور أن العلاقات الدولية صارت اليوم تجنح إلى العلاقات المتعددة الأطراف ووقف على نشأة حلم إتحاد مغرب عربي حيث ذكر أنه بعد تبلور الفكرة أسفر الأمر عن عقد لقاء طنجة سنة 1958 التاريخي بحضور الأحزاب السياسية المغاربية أنذاك حيث مثل الجزائر حزب جبهة التحرير الوطني. وأقر الدكتور حقيقة أن لقاء الأحزاب المغاربية ذهب في أطروحاته إلى أبعد تصور حيث رسم شكل إتحاد في صورة إتحاد فدرالي بمؤسسات إستشارية وتنفيذية، في حين أجلت عملية تنصيب هذه الأجهزة والهياكل الإستشارية حتى افتكت الجزائر استقلالها، عندها أضاف الدكتور مقدم يقول بدأ التفكير في مشروع الإتحاد بشكل آخر. وقال أنه في سنة 1964 أنشأت اللجنة الإستشارية الدائمة ثم تم الإنتقال بعدها إلى صيغ أخرى أخذت شكل سلسلة من المشاريع في الفترة الممتدة ما بين سنة 1967 و.1970 واعترف في نفس المقام أنه بعد هذه الفترة عرف العمل المغاربي ركودا إستمر إلى غاية سنة 1988 ويقصد به لقاء طنجة التاريخي الذي توج بميلاد الإتحاد في سنة .1989 وعدد الأمين العام لمجلس الشورى المغاربي أهداف الإتحاد في سلسلة من النقاط ترمي إلى تعزيز أواصر الأخوة بين الدول الأعضاء وشعوبها، وتحقيق الرفاهية للمجتمعات والدفاع عن حقوقها، إلى جانب صيانة السلام القائم على العدل والإنصاف، مع العمل على تحقيق حرية الأشخاص والبضائع ورؤوس الأموال. وبالموازاة مع ذلك، وبعد تسطير الأهداف، خلقت هياكل للإتحاد حيث أسندت رئاسة الإتحاد إلى قادة الدول الخمس، حيث أشار مقدم أنه لم ينعقد منذ اللقاء الأول، إلى جانب خلق مجلس لوزراء الخارجية وهذا الأخير يعقد بانتظام، وأوضح الدكتور أن الميثاق ينص على إلزام الدول المغاربية بمتابعة العمل المغاربي في تشكيل لجنة متابعة، إلى جانب لجان وزارية مختصة وأمانة عامة للإتحاد، علما أن الجزائر تحتضن على أرضها مجلس الشورى في حين تتواجد الهيئة القضائية في موريتانيا وهيئة الأمانة العامة في المغرب وهيئة الثقافة والعلوم بليبيا . دول المغرب العربي ما زالت تعاني مشكل تأهيل الموارد البشرية شرح الأمين العام لمجلس الشورى المغاربي واقع دول إتحاد المغرب العربي حيث صرح أن هذه المنطقة الثرية بالموارد ما زالت تعاني من مشكل تأهيل الموارد البشرية، خاصة في إطار قلة الإستثمار في الرأسمال البشري، بالإضافة إلى التأخر الكبير المسجل في مجال اكتساب التكنولوجيا، وحذر مقدم من إنعكاس هذه العوامل بصورة سلبية على تجسيد مشروع إتحاد المغرب العربي في ثوبه الحضاري، وتحت ظل الإندماج الإقتصادي والثقافي. وانتقد الأمين العام لمجلس الشورى المغاربي دخول دول المغرب العربي فرادى من خلال انظمامها للمنظمات الإقتصادية والتجارية العالمية . ووقف على حقيقة أنه تم الإنظمام إلى الإتحاد من أجل المتوسط بعدما مثلما أوضح تم التأثير على مجراه الطبيعي، حيث في البداية إقتصر على دول الضفة الشمالية والجنوبية ثم أضيف له الإتحاد من أجل المتوسط كون أطراف أضيفت لهذا المشروع الجديد تحت تأثير بعض الدول، واعترف مقدم في نفس المقام بأننا في حاجة إلى إتحاد أفقي وظيفي فعال، ومطالبون في كل هذا بإعادة نسج العلاقات المغاربية في شكل علاقات حقيقية فعلية قائمة على التوافق والثقة وتقاسم المصالح، وذهب الدكتور إلى أبعد من ذلك في هذا السياق عندما لم يحمل المسؤولية للحكومات فقط بل للجميع خاصة هيئات المجتمع المدني وجميع الفاعلين. واغتنم الفرصة ليدعو إلى ضرورة تفعيل مؤسسات الإتحاد المغاربي، عن طريق رفع معدل الزيادة السنوية للإنتاج الوطني وتحسين نسب التبادل التجاري بين دول المغرب العربي، وتطرق في هذا المقام إلى وجود ملفات مفتوحة على مستوى الإتحاد ويتعلق الأمر بدراسة ملف تبذير المياه والبيئة والبنى التحتية، وأثنى مطولا على مشروع الطريق السيار. ضرورة إعادة النظر في ميكانيزمات الإتحاد وفي الشق المتعلق بتفعيل مشروع الإتحاد، شدد الأمين العام لمجلس إتحاد المغرب العربي على ضرورة تطوير مؤسسات الإتحاد عن طريق تمكين مجموع سكان هذه الدول من المشاركة الفعلية والحرة في آليات إتخاذ القرار، لكن مع احترام الحقوق العامة أهمها الأسرة والطفل. وتحدث مقدم في سياق متصل على ضرورة التنسيق بين دول المغرب العربي خاصة في المحافل الدولية، والحرص على جعل التعاون جنوب جنوب جوهر التعاون الإقتصادي. وفي سياق دعوته إلى بناء منظومة إتحادية مغاربية، وإشراك البرلمانات في بناء البيت، أعلن مقدم ضرورة إعادة النظر في بعض ميكانيزمات الإتحاد، يتصدرها كما أوضح مراجعة معاهدة إنشاء الإتحاد، التي ترتكز على مبدأ الإجماع وقال أن هذا يعد سببا جوهريا من الأسباب التي تحتاج إلى مراجعة، وأكد الدكتور أنهم إقترحوا إعتماد مبدأ التفويض من مجلس الرئاسة إلى اللجان والمجالس المتخصصة، وإعطائهم جميع الصلاحيات . وكشف الدكتور أن الترسانة القانونية التي أسفرت عن إنشاء الإتحاد لم تتجاوز 37 إتفاقية وتعليمة وقرارا، قال الدكتور أنه لم تتم المصادقة إلا على سبع منها، واعترف أنها ما زالت إلى اليوم معطلة التنفيذ . ورفع مجلس الشورى الذي يتولى قيادته العامة السعيد مقدم مقترح الإرتقاء بمجلس الشورى المغاربي إلى برلمان يتمتع ببعض الصلاحيات الموجودة في المجالس والتكتلات الدولية. ومن ثم أضاف الدكتور يقول في سياق متصل ضرورة تمكين البرلمان المغاربي من المصادقة على الإتفاقيات المشتركة بين أقطاب دول المغرب العربي، موضحا أنه ما دمنا اندمجنا في تكتل، فإننا بذلك قد فوضنا سيادتنا إلى التكتل وخلص إلى القول أنه يأمل أن يحظى هذا المقترح بالقبول. فضيلة بودريش حضور شخصيات بارزة حضرت شخصيات سياسية واقتصادية واعلامية مؤثرة الندوة الفكرية »الاتحاد المغاربي واقع وآفاق« التي نشطها الدكتور السعيد مقدم الامين العام لمجلس الشورى المغاربي. وتتصدر قائمة الشخصيات المدعوة للندوة الفكرية المنظمة امس من المجلس الشوري بالتعاون مع مركز الشعب للدراسات الاستراتيجية سفيرا موريتانيا والجماهيرية العربية الليبية، والقائم بالاعمال التونسي، والقائم بالاعمال المغربي، فضلا عن ممثل وزارة الخارجية وتحديدا من مديرية المغرب العربي. كما حضر ندوة النقاش المنظمة في الذكرى العشرين لتأسيس الاتحاد المغاربي، وزراء وسفراء وولاة سابقين، واعضاء من مجلس الامة والمجلس الشعبي الوطني، ورئيس مجلس المحاسبة، ومدير المدرسة الوطنية للادارة. وشارك في الندوة التي جرت وقائعها بمركز »الشعب« للدراسات الاستراتيجية، اساتذة من جامعات الجزائر وبومرداس وتيزي وزو، ونخبة من المفكرين ورجال الثقافة والعلم. واضافت للحضور حرارة السيدة أمينة بن بولعيد، بنت الشهيد الرمز مصطفى بن بولعيد قائد الولاية الاولى التاريخية. وجاء حضورها المتميز، في ذكرى يوم الشهيد الغالية على كل الجزائريين.