تنظم وزارة الشؤون الدينية والأوقاف في النصف الثاني من شهر ماي، ملتقى دينيا هاما كان مقررا نهاية أفريل الماضي لكنه تأجل لسببين؛ وجود ملتقى حول الفكر المالكي، اختُتم نهاية الأسبوع الماضي بعين الدفلى، وثانيا: بسبب عدم تلقّي ردود من أغلب الشيوخ وعلماء المغرب العربي، الذين أُرسلت لهم الدعوات مرفوقة بموضوع المحاضرات التي يطلب منهم التعمق فيها إن حضروا الملتقى. وعُلم من مصدر في الوزارة أن هذه الأخيرة وضعت شروطا فيها بتوفر المرجعية الوطنية والفكر المعتدل لعلماء من دول المغرب العربي، لتشابه الظروف، كما قال، في هذه الدول حول المرجعية المالكية ومحاربة فكر التطرف، من أجل بداية فتح نقاش ديني مغاربي حول الأمن الفكري ودور مؤسسات المغرب العربي في إرسائه. ووجهت الجزائر دعوات إلى كبار علماء الدين في الدول المغاربية لمناقشة أفكار التطرّف والتكفير والإرهاب، بحثا عن مرجعية دينية موحدة، حيث إن النقاش سيعنى بموضوع الأفكار الدخيلة في غير بيئتها، وتحولها إلى باعث لسلوك متطرف في الهجرة والتكفير، والنتيجة كانت ولاتزال الارتياب في صدقية المرجعية الدينية المغاربية. وأوضح المصدر أن المنطقة تركت المكان شاغرا أمام تيارات تستمد أفكارها غالباً من المنفى الفكري. وستسعى الوزارة ومنظمو ملتقى الأمن الفكري ودور مؤسسات المغرب العربي في إرسائه، إلى بلورة رد فعل ولو متأخراً عن المد الفكري الهدام. وتعتقد الوزارة بأن بعض المثقفين يخطئ عندما يريد مواجهة هذا المد الفكري باستيراد أفكار مصدرها هو المصدر ذاته لتلك الأفكار الهدامة، تنبع جميعها من مرجعية هي غير مرجعية الدول المغاربية. ويُلقي هذا النقاش الضوء أيضاً على التجربة الليبية إثر مراجعات الجماعة الليبية المقاتلة، التي قدّمت نموذجاً لقي قبولاً لدى عموم علماء الدين، إذ أدت خطواتها في الحوار مع السلطات إلى الإفراج عن غالبية معتقليها في السجون الليبية. وتعتقد وزارة الشؤون الدينية والمنظمون للملتقى بأن التطرف الفكري تجاوز حدوده، وتفترض أن للمغرب العربي في مرجعيته الدينية المشتركة وخصوصيته المذهبية في العقيدة والفقه والسلوك، حصانة ذاتية من التطرف والإرهاب. ويدعو المشاركون إلى مناقشة هذه الفرضية وإثراء النقاش حولها، واقتراح الحلول التفصيلية والتكميلية التي يمكن أن تصدر عن مؤسسات المجتمع الرسمية والمدنية، بما في ذلك اقتراح برامج التكوين التي تُخرّج للأمة علماء عدولاً يحملون العلم الصحيح عن السلف الصالح لهذه الأمة، ويحصنون به خلفها. وتندرج الزيارات المتتالية للدعاة والعلماء المعروفين على الساحة الإسلامية إلى الجزائر، في إطار مباركة رسمية لمثل هذه الزيارات من أجل المساهمة في توعية الشباب الجزائري ونصحه بضرورة الابتعاد عن الفكر المتطرف والعنف، وتوجيهه نحو الالتزام بمنهج الوسطية والاعتدال. وتشهد هذه الزيارات عادة توجيه مزيد من النداءات من الدعاة إلى من تبقّى من أفراد الجماعات المسلحة، وعلى رأسها القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لإلقاء السلاح والكف عن إراقة دماء المسلمين، في إطار استكمال مسار المصالحة الوطنية. وتأتي خطوات الحكومة في هذا السياق كمرحلة ثانية بعد احتواء وزارة الشؤون الدينية الخطاب الديني في 15 ألف مسجد في الجزائر، كانت تحت سيطرة التيار المتشدد، حسب الوزارة.