بقلم: محمد قروش كل عام يعود الحديث عن ما اتفق على تسميته قفة رمضان التي تحولت عبر السنوات إلى رمز لإهانة الجزائريين من خلال اصطفاف الفقراء والمعوزين في طوابير طويلة أمام البلديات دون مراعاة لكرامتهم وعزتهم على -حسب- تعبير السيدة سعيدة بن حبيلس. فما أبشع ذلك المنظر الذي طالما شاهده الجزائريون أمام البلديات ومديريات الحماية الاجتماعية من أجل الحصول على قارورة زيت وعلبة طماطم وكيس سميد في مشهد لا يضاهيه إلا مشاهد اللاجئين والمشردين في الدول التي تعيش حالة حرب أو كوارث طبيعية، بالرغم من أن الجزائر بلد الخيرات والثروات الكبيرة التي يمكن أن تعيل شعوبا بأكملها. والحقيقة أن هذه القفة التي اخترعت منذ أكثر من عشرين سنة لم تستطع حل مشاكل الفقراء والمحتاجين في الجزائر، بل زادتهم ذلا وإهانة وتحولت إلى مجال كبير للبزنسة على كل المستويات الوزارية والولائية والمحلية التي جعلت منها مجالا آخر للفساد من خلال التلاعب في نوعية السلع وأسعارها بل حتى على مستوى أحقية الاستفادة منها التي فتحت الباب أمام المحتالين في حين يتم إقصاء كثير من عائلات المحتاجة حقيقة، وهو ما خلق أجواء من الاحتجاج ترافق توزيعها كل عام. وبغض النظر عن الفشل الذريع الذي يعرفه مشروع قفة رمضان كل عام، إلا أن المشكل الحقيقي يظل أعمق من ذلك ويتمثل في المقاربة الخاطئة لمشكلة الفقر التي تتبناها الدولة والتي أدت إلى تزايد عدد الفقراء في الجزائر بشكل متسارع خلال السنوات الماضية نتيجة انكسار الطبقة الوسطى وبداية ظهور انقسامات طبقية واضحة داخل المجتمع بسبب البطالة وتدني الأجور وزيادة الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة والصحة والتعليم دون وجود حلول ناجعة ومخططات واضحة للقضاء على الظاهرة أو التخفيف منها، وهو ما أصبح ينذر بأزمات وصراعات اجتماعية عارمة قد تقضى على السلم الاجتماعي وتهدد استقرار البلاد. أن التعامل مع مشكلة الفقر عن طريق جرعات مهدئة مثل قفة رمضان أو المساعدات الظرفية لن يحل مشكلة الفقر المتفاقمة في الجزائر دون وجود مشروع واضح للقضاء على مسبّباتها من ذورتها بإعادة التوازن الاجتماعي والقضاء عى الطبقية ومساعدة الطبقات الهشة في النهوض وإعادة توزيع الثروات بشكل يقضي على الطبقية في المجتمع لكي يحقق العدالة الاجتماعية المنشودة.