بقلم: الشيخ أبو إسماعيل خليفة إن لم نقرأ ختمة كاملة من القرآن الكريم أو نسمعها في شهر القرآن، فمتى تكون؟!. عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: (كان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله {صلى الله عليه وسلم} أجود بالخير من الريح المرسلة). رواه البخاري ومسلم. قال الإمام ابن رجب رحمه الله: دلّ الحديث على استحباب دراسة القرآن في رمضان، والإجتماع على ذلك، وعرض القرآن على من هو أحفظ له ... وفيه دليل على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان، وفي البخاري من حديث فاطمة عليها السلام، عن أبيها {صلى الله عليه وسلم}، أنه أخبرها أن: (جبريل عليه السلام كان يعارضه القرآن كل عام مرة، وأنه عارضه في عام وفاته مرتين). هذا، ولقد كان للسلف رحمهم الله اجتهاد عجيب في قراءة القرآن في رمضان، بل لم يكونوا يشتغلون فيه بغيره، وكانت لهم مجاهدات من كثرة الختمات رواها الأئمة الثقات الأثبات رحمهم الله. وكان ذلك إلى زمن مما توارثته الأجيال عن أسلافها في تالد الأزمان، بل طارفها وحديثها تتابع الأجداد على ختم القرآن في رمضان.. ولقد جاء ذكر تقليد الأسلاف مذموما إن خالف الشريعة في القرآن الكريم، لكن من مليح المعاني في صدق التعبد لله ما كان عليه أجدادنا من تعظيم القرآن وتقديس القيام في رمضان لله الواحد الديّان. ولكن للأسف اندثر هذا في زماننا أو يكاد، ولحقت هذه الصلاة المباركة مبتدعات، فأفسدت المقصود منها: تخفيفها قراءة، وركوعا، وسجودا.. حتى أنك لتجد الإمامين يتناوبان في صلاة التراويح، والمقروء في الليلة الواحدة حزب، فلا يكاد ينجلي همّي من هوان هذه الشعيرة من قلوب العامة، بل وبالمقابل يشنّع بالفعال والمقال على من درج على الإجتهاد وإطالة القيام بالحزبين. فإن لم نقرأ ختمة كاملة من القرآن الكريم أو نسمعها في شهر القرآن، فمتى تكون؟!. هذا الشّهر الذي قال الله جلّ وعزّ فيه: (شَهْرُ رَمَضَانَ الذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرْقَانِ). البقرة: 185. وقد جرى في الأمثال السائرة قولهم: (شرف العلم بشرف ما تعلَّق به)، فكيف إذا تعلّق القرآن بشهر القرآن؟. فالله الله في تعظيم قدر الصلاة في قلوب العامة.. فإن كان الختم في الصلاة لا يتعدى النَّدب والإستحباب، فإن تفويته لغير عذر ضربٌ من الحرمان والتَّباب.! فهل للنفس إقبال؟. وهل للقلب اشتياق؟. وهل نملأ شهر القرآن بتلاوة القرآن؟. وبعد، فإنها نفثة قلب متحسّر على ما آل إليه أكثر الناس.. والمشتكى إلى الله ولا حول ولا قوّة إلا به، وهو المستعان..