قلق متزايد من الثغرات الأمنية الهائلة في مصر * يتابع مصريون كثيرون وإخوانهم العرب والمسلمون بقلق الهجمات المسلّحة والتفجيرات التي تتصاعد يوما بعد يوم وتزداد جرأة وأصبحت تستهدف شخصيات ومنشآت هامّة كان آخرها القنصلية الإيطالية بوسط القاهرة صباح السبت. تساءل كثيرون عن مدى قدرة الأجهزة الأمنية في البلاد على مواجهة التفجيرات بينما تستطيع السيّارات المفخّخة أن تتجوّل في شوارع القاهرة الهامّة بحرّية كاملة وأن تنتقي أهدافها بأريحية تامّة دون أيّ دور للأمن في اكتشافها أو توقيفها في دولة تسخّر كلّ إمكانياتها للحرب على الإرهاب كما يروّج النّظام. ووقع الانفجار أمام مبنى القنصلية الإيطالية صباح السبت وأسفر عن مصرع شخص وإصابة تسعة آخرين وتهدّم أجزاء من المبنى فضلا عن تلفيات في عشرات المباني المحيطة. وقتل النائب العام السابق هشام بركات قبل أسبوعين فقط في تفجير لموكبه بجوار الكلّية الحربية وعلى بعد كيلومترين فقط من مطار القاهرة وقصر الاتحادية فيما تمّ تفجير القنصلية الإيطالية التي يقع في محيطها عدد من المنشآت الهامّة منها دار القضاء العالي ومبنى التلفزيون ووزارة الخارجية. سيناريو مكرّر تمّ تفجير القنصلية الإيطالية بالطريقة نفسها التي تمّ بها اغتيال النائب العام وكما حدث في استهداف موكب وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم منذ عام ونصف عبر سيّارة مفخّخة تحمل نحو 250 كيلوغرام من المتفجّرات وتمّ تفجيرها عن بعد. ومن المفارقات أن السيّارة المستخدمة في الهجوم الأخير هي من نفس نوع السيّارة التي استخدمت في اغتيال النائب العام وهي سيّارة (أسبرانزا). وأكّد خبراء المعمل الجنائي أن المتفجّرات المستخدمة في استهداف القنصلية الإيطالية هي ذاتها المستخدمة في حادثي اغتيال النائب العام وتفجير موكب وزير الداخلية السابق. وكشفت المعاينة التي أجرتها النيابة العامّة لمكان الانفجار عن عدم وجود أيّ كاميرات مراقبة في محيط القنصلية الإيطالية على الرغم من تأكيد الحكومة المصرية اتّخاذها تدابير أمنية مشدّدة لتأمين جميع المنشآت الهامّة ومن بينها السفارات الأجنبية. وقال شهود عيان إن هذه المنطقة لا تشهد أيّ إجراءات أمنية على الرغم من وجود مبنى القنصلية فيه. وبينما قالت النيابة إن الانفجار تمّ باستخدام سيّارة مفخّخة أكّدت مصادر أمنية أن مجهولا ألقى عبوة ناسفة من أعلى كوبري 6 أكتوبر المجاور للقنصلية على المبنى متسبّبا في تدمير أجزاء منه. اجتماع فاشل للسيسي جاء هذا التفجير بعد ساعات قليلة من الاجتماع الطارئ الذي عقده قائد الانقلاب عبد الفتّاح السيسي مع وزيري الدفاع صدقي صبحي والداخلية مجدي عبد الغفّار ورئيس المخابرات العامّة وعدد من قادة القوّات المسلّحة لمراجعة الخطط الأمنية في البلاد. وقال المتحدّث باسم رئاسة الجمهورية علاء يوسف إن الاجتماع تضمّن استعراضا للاستعدادات التي أعدّتها مختلف أجهزة الأمن لتأمين البلاد وشدّد السيسي خلاله على أهمّية التصدّي بمنتهى الحزم والقوّة لأيّ محاولة للاعتداء على المنشآت العامّة والخاصّة وزعزعة الأمن القومي. وأضاف يوسف أن الرئيس وجّه خلال الاجتماع بالحفاظ على أعلى درجات اليقظة تحسّبا للمخطّطات التي تستهدف ضرب الاستقرار وطالب بتشديد الإجراءات الأمنية في القاهرة. وجاءت العملية بعد إعلان القوّات المسلّحة عن توجيه ضربة استباقية للتنظيمات الإرهابية والقبض على أعضاء خلية إرهابية قبل تنفيذ مخطّطات تستهدف أمن البلاد حسب بيان رسمي. ونشرت صفحة وزارة الدفاع المصرية على موقع (يوتيوب) فيديو لاعترافات أعضاء الخلية الذين تبيّن لاحقا أنهم نشطاء معارضون للانقلاب العسكري حسب ما أكّد أصدقاؤهم وأقاربهم. وقبل ذلك بساعات أصيب رجلا شرطة في هجوم استهدف مجمّع البنوك في مدينة أكتوبر وتسبّب في تدمير واجهة أحد البنوك. قلق دبلوماسي غربي أصاب تفجير القنصلية الإيطالية البعثات الدبلوماسية في مصر بالقلق ما دفع الحكومة إلى إجراء اتّصالات بمسؤولي السفارات والقنصليات الأجنبية لطمأنتهم على تكثيف الإجراءات الأمنية. ووعدت الحكومة الدبلوماسيين الغربيين بتشديد الخدمات الأمنية حول أماكن تواجدهم وتزويدها بأفراد مسلّحين وخبراء وأجهزة حديثة للكشف عن المفرقعات. ويقول مراقبون إن الهدف من تفجير القنصلية الإيطالية كان إرسال رسالة داخليا وخارجيا مضمونها أن التنظيم قادر على تنفيذ العملية في وسط القاهرة الذي يشهد تواجدا أمنيا مكثّفا لإثبات أنه قادر على الوصول إلى أيّ مكان وأن النّظام عاجز عن حماية المواطنين وأضافوا أن الجهة التي تقف وراء تلك الهجمات تتعمّد تنويع الأهداف التي تضربها في كلّ عملية بين الشخصيات السياسية كالنائب العام والمصالح الأجنبية والمنشآت الأمنية بهدف تشتيت الأجهزة الأمنية ومنعها من إحباط عملياتها قبل تنفيذها. وأعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عن عملية استهداف القنصلية الإيطالية في القاهرة مؤكّدا أن عناصره استخدموا 450 كيلوغرام من المتفجّرات في الهجوم. وطالب التنظيم في بيان له عبر (تويتر) عامّة المسلمين بالابتعاد عن المنشآت المماثلة التي تعتبر أهدافا مشروعة لهجمات المجاهدين حسب البيان.