وقفة مع 20 أوت 1955.. * بقلم: عبد الحفيظ عبد الحي * كانت هجومات 20 أوت 1955 عملية مخططة ومدروسة سابقا ومنظمة تنظيما محكما لأنها عمليه أملتها الظروف والتطورات الخطيرة التي عاشتها الثورة لأن الثورة بقت منحصرة في خاصة في الأوراس مما جعل العدو يسخر كل قواته هناك وكاد يؤدي بإجهاض المشروع الثوري باعتبار الاستعمار ركز كل نشطاته المضادة للثورة في منطقة الأوراس مما دفع يشير شحاني إلى أن يوجه رسالة إلى قيادة المنطقة الثانية مصورا فيها الأوضاع الصعبة والخطيرة التي تعيشها منطقة الأوراس ودعا المنطقة الثانية إلى تحمل واجب وطني ولابد من فك الحصار والتصدي للقوات التي تجتاز إلى منطقة الأوراس وتاكيد استمرارية الثورة وشموليتها أمام الضغط الرهيب الذي فرضه المستعمر الفرنسي والتمشيط المكثف بالأوراس. إن كل هذه العوامل جعلت زيغود يوسف يدرس ويحلل الوضع السائد حتى اهتدى إلى حل يتحمل نتائجه وحده لقد فكر زيغوت في الأمر بعد ان تباحث وتشاور مع مساعديه في الأمر وأن الحل لمجابهة هذا الخطر هو القيام بهجوم شامل عبر تراب المنطقة الثانية بهدف نسف خطط سوستيل الجهنمية وتنزل الثورة إلى الشارع لتكون ثورة شعب لا ثورة نخبة. هكذا بدأت بدأت الهجومات في صبيحة نهار 20 أوت 1955(الموافق لأول محرم 1375 هجرية) بقيادة البطل زيغود يوسف وشملت أكثر من 26 مدينة وقرية بالشمال القسنطيني. استهدفت العمليات المسلحة كافة المنشآت والمراكز الحيوية الاستعمارية ومراكز الشرطة والدرك في المدن ومزارع المعمرين في القرى والأرياف. وقد تمكن المجاهدون من احتلال عدة مدن وقرى في هذا اليوم المشهود مما سمح للجماهير الشعبية بالتعبير عن رفضها للاستعمار ومساندتها لجبهة وجيش التحرير الوطني. من قسنطينة إلى الخروب عين عبيد وداد الزناتي عزابة وغيرها ...... يعتبر هجوم 20 أوت 1955هو الحدث الهام والبارز لزيغود يوسف أملته عوامل عديدة لعل أبرزها دخول الثورة في عزلة وعدم وضوح المشروع الثوري عند الكثير. إن هجومات الشمال القسنطيني كانت قرارا تاريخيا وحدثا مهما جدا في تاريخ الثورة الجزائرية فقد أسقط مقولة أن الجيش الفرنسي لاينهزم بدليل حجم الخسائر التي عرفها خلال الهجومات. كما أن الهجومات فكت ولو نسبيا الضغط الممارس على منطقة الأوراس وأكدت هذه الهجومات أن ما يقع هو ثورة وليست عمليات استعراضية كما ادعت فرنسا وساهمت هذه الهجومات في إقناع الكثير للالتحاق بالثورة. أعطت هجومات 20 أوت دفعا قويا للثورة على المستوى الدبلوماسي العربي فوجدت القضية الجزائرية من شقيقاتها العربيات دعما ماديا ومعنويا وهو ما أكسب الثورة دعما دبلوماسيا عربيا وإسلاميا. سعت الدول العربية لمصلحة القضيتين المغربية والجزائرية حيث شكلت على إثر مجازر ارتكبتها فرنسا في الشمال القسنطيني وفدا للدفاع عن قضايا شعوب المغرب العربي حيث وجهت رسالة مستعجلة إلى مجلس الأمن مصورة الحالة المأساوية للشعبين الجزائري والمغربي ملحا بالتدخل السريع. إن هجومات 20 أوت الجريئة أحيت مشاعر العرب والمسلمين في مشارق الأرض مغاربها تجاه الكفاح البطولي الذي يخوضه الشعب الجزائري ضد أكبر قوة استعمارية على غرار التهاني من سكريتر مرتمر الأحزاب والهيئات في لبنان ومسلمي الهند وباكستان وبالتالي حققت هجومات 20 أوت 1955 قيام بعض الدول العربية بمساع لصالح القضية الجزائرية وكانت لهذه الأخيرة الصدى الكبير في تدويل القضية وكسبها دعما تجلى في العديد من المجالات. كما أن يوم 20 أوت 1955 يتزامن مع الذكرى الثانية لخلع ملك المغرب محمد الخامس ونفيه إلى مدغشقر. إن بيان أول نوفمبر عند تحديده لأهداف الثورة فإنه يضع من ضمن أهدافها الخارجية هدفا أساسيا وهو تحقيق وحدة شمال إفريقيا ضمن إطارها الطبيعي العربي والإسلامي ولذلك كانت جبهة التحرير وفية للبند الأساسي الذي قام عليه التيار الاستقلالي سنة 1926. إثر هجومات 10 أوت 1955 توطدت العلاقة بين الثوار الجزائريين والمغاربة أكثر من ذي قبل وذلك حينما امتدت الثورة إلى الغرب الجزائري أكتوبر1955 حيث وقع اتصال بين جيش التحرير الوطني وجيش تحرير المغربي في الريف واستمر الالتحام حتى تحقق النصر المبين.