ضمت مختلف التنظيمات الممثلة للمجتمع المدني صوتها لأصوات ملايين المواطنين العقلاء، واستنكرت الأسلوب الهمجي المتخذ من طرف المحتجين الذين ثاروا خلال الأيام الماضية على ارتفاع الأسعار التي شملت مختلف المواد الأكثر استهلاكا بصورة مفاجئة واعتباطية، وخصوصا السكر والزيت، أدت إلى تصاعد موجة الغضب لدى الشارع الجزائري الذي لم يستصغ تلك الزيادة خاصة منهم ذوي الدخل المحدود والضعيف مما أجبرهم التعبير عن غضبهم بالتظاهر العنيف عن طريق التخريب والحرق للعديد من الأملاك العمومية والخاصة، وهي الطريقة التي أدانها المجتمع المدني باعتبارها همجية ولا تعود إلا بالسلب على الوطن والمواطن· تجددت أمس وكذا أمس الأول الاحتجاجات بعدما اتسعت رقعتها لتشمل العديد من مناطق وولايات الوطن، فانطلاقا من مختلف الأحياء الشعبية للعاصمة، تجددت مرة أخرى المظاهرات بمختلف بلديات ولاية تيبازة وأدت أعمال الشغب المنظمة من طرف بعض الشباب إلى تحطيم وحرق العديد من الممتلكات العمومية، فبحجوط خرج الشاب في حدود السادسة من يوم الخميس المنصرم، حيث قاموا بقطع الطريق الرابط بين حجوط ومراد، بالمتاريس والحجارة وحرق الأشجار، قبل أن يتطور هذا الإحتجاج إلى أعمال شغب أسفر عن حرق مركز صندوق الضمان الإجتماعي، ومركز البريد بحي 500 مسكن، كما تعرضت السيارات المركونة بالقرب من عيادة الإستعجالات للتكسير والتحطيم، في حين تمكنت مصالح الأمن من إلقاء القبض على 12 شابا شاركوا في عمليات التخريب· وتوسعت رقعة الإحتجاجات بعد جنوح الظلام، لتشمل بلديتا بورقيقة وشرشال ومناصر، حيث استمرت هذه الإحتجاجات لساعات أضرم فيها الشباب النار في العجلات وقطعوا الطرقات، ودخلوا في اشتباكات مع مصالح الأمن، حيث أمطروهم بالحجارة الأمر الذي استدعى تفرقتهم بالغازات المسيلة للدموع، ومن الجهة الغربية للولاية إلى الجهة الشرقية وبالتحديد بالقليعة والشعيبة وبواسماعيل والدواودة والقليعة عاشت أحياؤها حالة من الذعر والاحتجاجات العنيفة أدت بمصالح الأمن إلى التدخل عن طريق استعمال القنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين الذين أدت بهم همجيتهم إلى التعرض للسائقين بقطع الطرقات ورشق حافلات الطلبة القادمة من العاصمة والبليدة· كما تطورت الاحتجاجات لتشمل ولايات أخرى بكل من الشرق الجزائري والغرب بعدما امتدت تلك التظاهرات الهمجية إلى مختلف مناطق الوطن، تعبيرا من هؤلاء على الحالة الاجتماعية المزرية التي يواجهها الجزائريون في بلد قال أغلب المحتجين أنه من أغنى البلدان بالنظر إلى موارده الطبيعية الهامة والكبيرة التي لم يستفد منها المواطن الجزائري مثلما تعيشه الدول الخليجية رغم تكافؤ الفرص في الموارد الطبيعية -على حد تعبيرهم-، فيما ذهب البعض الآخر إلى التعبير عن غضبهم بالصراخ بكلمات طالما نددها هؤلاء بركات، بركات المعيشة راهي غلات، هذا وقد أدت شرارة الغليان تلك إلى إجبار العديد من التجار إلى غلق محلاتهم خوفا على تحطم ممتلكاتهم، فيما شهدت مختلف المخابز على المستوى الوطني اكتظاظا كبيرا وطوابير غير متناهية من طرف المواطنين بسبب ندرة الخبز الناجم عن غلق العديد من المخابز أبوابها· وقد استنكر العديد من العقلاء من المجتمع المدني الطريقة التي لجأ إليها الشباب في التعبير عن غضبهم بالرغم من إقرارهم بمشروعية المطالب والحقوق من الغلاء الفاحش غير المقبول والبطالة المرتفعة في صفوف الشباب الذين يعتبرون أعلى نسبة تضمها الجزائر إلى جانب تردي الأوضاع الاجتماعية نتيجة غياب العدالة الاجتماعية، غير أنهم يرفضون رفضا قاطعا الطريقة الهمجية في المطالبة بالحقوق عن طريق حرق وتخريب الممتلكات العمومية التي تعتبر في الأول والأخير ملكا للشعب خاصة وأن ذلك تزامن وبداية التنمية التي تشهدها الجزائر من بناء وتشييد ولا يقبل أن نعيد الجزائر إلى الوراء بفعل هذا الأسلوب غير الحضاري في التعبير عن المطالب والحقوق·