تتضمّن مراجعة الدستور المقبلة استكمال التدابير المقرّرة لتعزيز الوحدة الوطنية والحفاظ عليها إذ تمثّل مكسبا هامّا بعد التضحيات التي قام بها كافّة الشعب الجزائري في كفاحه من أجل استرجاع حرّيته واستقلاله ذلك ما أوضحه الرئيس بوتفليقة في رسالته بمناسبة إحياء الذكرى ال 61 لاندلاع ثورة نوفمبر 1954 حيث أشار إلى أن (إنجازات كثيرة تحقّقت وما يزال منها ما ينتظر التعزيز أو الاستكمال وذلكم هو الشأن في المجال السياسي والحوكمة). أوضح رئيس الجمهورية أن (ذلك هو النهج الذي يسير عليه مشروع مراجعة الدستور الذي سيتم الإعلان عنه عمّا قريب من أجل (تعزيز الوحدة الوطنية حول تاريخنا وهويتنا وقيمنا الروحية والحضارية). كما ترمي مراجعة الدستور إلى تعزيز الثوابت الوطنية المكرّسة في الدستور الحالي قصد الحفاظ على استقرار البلد من خلال وضع مقومات الهوية الوطنية و خاصة الإسلام الذي كرّس كدين دولة بموجب المادة 2 من الدستور الحالي والأمازيغية التي كرست لغة وطنية (المادة 3 مكرّر) في منأى عن اللعبة السياسوية بفضل مراجعة الدستور الجزائري يوم 10 أفريل 2002. وبشأن الإسلام دين الدولة فقد أعار القانون الأساسي اهتماما خاصّا لهذا المقوم الهام من التاريخ والهوية الوطنية لحمايته من الاستعمال السياسوي الذي شوّه صورته كثيرا. ولدى اعتلاء الرئيس بوتفليقة سدّة الحكم سنة 1999 في سياق وطني تميّز بهمجية إرهابية تستمدّ إيديولوجيتها من قراءة خاطئة وضيّقة لديننا الحنيف وضعت السلطات العمومية صون الإسلام من الاستعمال السياسوي ضمن انشغالاتها كبرى. وقد تعمّق هذا الانشغال مع الأحداث الأليمة التي شهدتها بعض الدول العربية في سياق ما سمّي ب (الربيع العربي) ما جعل الرئيس بوتفليقة يؤكّد مجدّدا على هذا المقوم بمناسبة الإعلان عن مراجعة الدستور. وكان الرئيس بوتفليقة قد جدّد بمناسبة اليوم الوطني للشهيد والمخلّد للذكرى المزدوجة لمؤتمر الصومام وهجوم الشمال القسنطيني أن دين الإسلام الذي (أرادت له بعض المخابر والذين في قلوبهم مرض أن يجعلوا منه دين عنف وفرقة وتعصب إنما هو الإسمنت المسلّح لبناء المجتمعات لكونه دين الوحدة والمحبّة والعمل والتعايش). بالنّسبة للّغة الأمازيغية وضعت الدولة الآليات والأدوات الضرورية لترقية اللّغة وترقيتها بمختلف لهجاتها المستعملة عبر التراب الوطني. الحاصل أن تقديس ثوابت الأمّة يستجيب لإرادة مؤكّدة في وضع البعد الرّوحي للهوية الوطنية وقيمها اللّغوية والتاريخية في منأى عن محاولات الاستغلال السياسي للمساس باستقرار البلد. وكان رئيس الجمهورية قد اقترح في هذا الصدد خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة (عقدا جديدا) يسمح بالحفاظ على ترقية الهوية الوطنية في أبعادها الثلاثة (الإسلام والعروبة والأمازيغية). وكان رئيس الجمهوريه قد أكّد بشأن مراجعة الدستور أن (التحدّي يكمن في تجاوز تعدّد التيّارات السياسية والسعي للتوصّل الى أكبر قدر من التوافق والمشاركة من أجل توسيع الإجماع الوطني حول التكفّل بالتحديات الحقيقية الحاضرة والمستقبلية التي تواجهها الأمّة. وكان (العقد الوطني الجديد) الذي بادر به رئيس الجمهورية فور توليه مهامه في 1999 قد بدأ يتجسد من خلال استفتاء 2005 الذي توّج المسار التشريعي لسياسة المصالحة الوطنية. فالميثاق من أجل المصالحة الوطنية ثقافة التسامح وينبذ الحقد والكراهية والعنف في المجتمع الجزائري طبقا لتعاليم الإسلام ممّا دفع العديد من الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية وكذا ممثّلي المجتمع المدني إلى الدعوة بإلحاح إلى (دسترته) من أجل تعزيز الوحدة الوطنية والحفاظ على البلاد من الاعتداءات الخارجية.