يبحث دعاة وأئمة مساجد، من عدة دول إفريقية، منذ أمس بالجزائر، ظاهرة التطرف والغلو في مجتمعات الساحل وغرب إفريقيا، على خلفية اتساع رقعة نشاط جماعات إرهابية، خاصة "بوكو حرام" و"تنظيم الدولة"... ويجري اللقاء الذي ينتهي مساء الأربعاء، ب"دار الإمام" ، تحت إشراف "رابطة علماء وأئمة الساحل الإفريقي"، التي نشأت بالجزائر عام 2012 في سياق ترتيبات أمنية وعسكرية جمعت حكومات الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا، في مرحلة أولى ثم توسعت إلى بلدان أخرى. وتتناول أشغال الاجتماع السياسات الدينية الحكومية، لمحاربة الغلو والتشدد الديني كأفضل طريقة للحد من انتشار الإرهاب. وقال أمين عام "الرابطة" الإمام الجزائري، يوسف مشرية، إن الأئمة في إفريقيا "مطالبون بتوعية شباب المسلمين بخطورة الأفكار الهدامة التي لا تمت بصلة للإسلام، التي ينشرها دخلاء على الدين وغرباء عن مجتمعاتنا التي عرفت بالتسامح والاعتدال"، مشيرا إلى أن لقاء الجزائر، يأتي ضمن سلسلة من اجتماعات مشابهة عقدت في موريتانيا ونيجيريا وكوت ديفوار. وأضاف: "حتى وقت قريب كانت بعض مجتمعات المنطقة جنوب الصحراء، فقط، عرضة لنشاط متطرفين. لكن اليوم بلدان أخرى من غرب إفريقيا تعاني من هذه الآفة، لذا وجب التحرك بسرعة وبفعالية لتطويقها والقضاء عليها. فالحلول الأمنية والعسكرية لا تنفع وحدها، وإنما تكون مكمَلة لحملة تنشر الوعي بين الشباب الإفريقي، الذي يبقى هدف الجماعات المتطرفة لتجنيده وتحويله إلى آلة تدمَر المجتمعات". ودعا رئيس "الرابطة"، النيجيري الشيخ داوود بوريما، في اليوم الأول من الاجتماع، إلى "إرساء أطر الوحدة الوطنية بين أفراد الأمة الواحدة، وبين شعوب دول الساحل والقارة الإفريقية". وأوضح بأن "محاربة الجماعات الإرهابية لا يكون فقط بالقوة العسكرية، وإنما بإرساء قواعد التسامح بين الأفراد وتلقينهم أسس الدين الإسلامي الصحيح". وذكر ممثل السينغال في "الرابطة" اسماعيل دامي، أن "التعايش بين الأديان من أفضل الطرق لمحاربة التطرف الديني، وتلقين أسس الإسلام الوسطي، يساهم أيضا وبشكل كبير في التقليل من الظاهرة". وفي حديثه عن أسباب استفحال الظاهرة الإرهابية، أوضح ممثل كوت ديفوار إبراهيم كوني، أن "التفسير الخاطئ لتعاليم الدين الإسلامي وانخراط بعض الدعاة في خطاب الجهاد و الترويج للإرهاب، كان سببا في انتشار التطرف وانتقاله من مجتمع إلى آخر".