السعداء هم أهل الجنة والأشقياء هم أهل النار وسر سعادة هؤلاء أنهم تعلقت قلوبهم بالله حتى أطلق عليهم لقب أولياء الله أما سر شقاء هؤلاء أنهم ابتعدوا عن طريق الله وخالفوه فأصبحوا أعداء الله وأطلق عليهم لقب أولياء الشيطان .. الفرق بين الفريقين يوضح لنا شيخ الإسلام ابن تيمية الفرق بين الفريقين حين يقول إنه بين سبحانه وتعالى في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن لله أولياء من الناس وللشيطان أولياء من الناس أيضا وفرق سبحانه بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.. فقال تعالى ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون . والولاية ضد العداوة وأصل الولاية المحبة والقرب وأصل العداوة البغض والبعد. وقد قيل إن الولي سمي وليا من موالاته للطاعات أي متابعته لها. والولي أيضا تعني القريب فيقال هذا يلي هذا أي يقرب منه. وأولياء الله هم المؤمنون المتقون الذين عاهدوا أنفسهم على السمع والطاعة لخالقهم والمتمسكين بصراطه المستقيم باعدين بأنفسهم عن كل ما يغضبه سبحانه هم الذين آمنوا به ووالوه فأحبوا ما يحب وأبغضوا ما يبغض ورضوا بما يرضى وسخطوا بما يسخط وأمروا بما يأمر ونهوا عما نهى وبالتالي فقد تعهد الله بحمايتهم والدفاع عنهم ونصرهم في الدنيا والآخرة. ففي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله: من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة - أو فقد آذنته بالحرب - وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي. ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه وهذا أصح حديث يروى في الأولياء فبين النبي صلى الله عليه وسلم أنه من عادى وليا لله فقد بارز الله بالمحاربة والعكس فإن أولياء الشيطان هم الذين عاهدوا أنفسهم على السمع وعدم الطاعة والذين ابتعدوا عن كل ما يرضي الله فاعلين كل ما يغضبه سبحانه مفسدين في الأرض وآمرين بما نهى عنه وناهين عما أمر به. أفضل الأولياء أفضل أولياء الله هم أنبياؤه وأفضل أنبيائه هم المرسلون منهم وأفضل المرسلين أولو العزم وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم. وأفضل أولي العزم محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المتقين وسيد ولد آدم وإمام الأنبياء وصاحب المقام المحمود. وقد جعله الله الفارق بين أوليائه وبين أعدائه فلا يكون وليا لله إلا من آمن به وبما جاء به واتبعه باطنا وظاهرا ومن ادعى محبة الله وولايته وهو لم يتبعه فليس من أولياء الله بل من خالفه كان من أعداء الله وأولياء الشيطان قال تعالى قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله قال الحسن البصري رحمه الله ادعى قوم أنهم يحبون الله فأنزل الله هذه الآية محنة لهم. ومن الكفار من ادعى أنه ولي الله وهو ليس كذلك بل هو عدو له فكذلك من المنافقين الذين يظهرون الإسلام يقرون في الظاهر بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنه مرسل إلى جميع الإنس ولكنهم في الباطن يعتقدون بما يناقض ذلك. كرامات الأولياء وبين كرامات الأولياء وما يشبهها من الأحوال الشيطانية فروق متعددة منها أن كرامات الأولياء سببها الإيمان والتقوى أما الأحوال الشيطانية فسببها ما نهى الله عنه ورسوله. وقد قال تعالى قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون فالقول على الله بغير علم والشرك والظلم والفواحش قد حرمها الله تعالى ورسوله فلا تكون سببا لكرامة الله تعالى بالكرامات عليها فإذا كانت لا تحصل بالصلاة والذكر وقراءة القرآن بل تحصل بما يحبه الشيطان وبالأمور التي فيها شرك كالاستغاثة بالمخلوقات أو كانت مما يستعان بها على ظلم الخلق وفعل الفواحش فهي من الأحوال الشيطانية لا من الكرامات الرحمانية.