اعتبر الداعية الإسلامي د. أحمد الكبيسي أن قضية الاختلاط بين الجنسين التي تشهد جدلا لافتا في مصر والسعودية بين مؤيد ومعارض، حسمت لصالح الاختلاط منذ أربعينيات القرن الماضي. في الوقت الذي قال فيه الشيخ أحمد الغامدي، رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكةالمكرمة، إنه تلقى تهديدات واتصالات تحمل إساءة إليه، ردًّا على آرائه في إباحة الاختلاط، وإجازة عدم إغلاق المحلات في أوقات الصلاة، مشيرًا إلى وجود عديد من الأدلة الشرعية التي تبيح الاختلاط بشروط محددة. وأكد الكبيسي لقناة »الأم بي سي« أن معركة الاختلاط كانت محتدمة جدًّا في أربعينيات القرن الماضي في العالم العربي، أي منذ أكثر من 70 عاما بين مؤيد ومعارض، وخاصة في مصر مع خروج هدى شعراوي للجامعة ومنال الألوسي في العراق، وحُسمت منذ ذلك الحين لصالح الاختلاط، الذي أصبح منتشرا في الجامعات وأماكن العمل وفي الشارع والمواصلات. وأبدى الكبيسي استغرابه من إعادة إثارة القضية مرة أخرى، مشددا على وجود قضايا وتحديات أخرى تواجه الأمة الإسلامية أكثر من قضية الاختلاط، ومنها احتلال العراق وفلسطين. ووصف الكبيسي إقحام هذا الموضوع على الساحة مجددا »بأنها معركة مفتعلة ونوع من الترف الفكري«. وعن رأي الدين من وجهة نظره في قضية الاختلاط، قال الكبيسي »ليس هناك نص يحرم الاختلاط الذي يعتبر شيئا يخضع من وجهة نظر الشرع للمصلحة، وحيث ما تكون المصلحة يكون شرع الله«. وتابع موضحا رأيه »الاختلاط مباح لعدم وجود ما يحرمه إلا على نساء النبي، ولا يجوز الحديثُ معهن إلا من وراء حجاب أي ستار، وكما جاء في القرآن الكريم {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ}. كما استشهد بالقرآن الكريم على رأيه بجواز الاختلاط في الآية الكريمة {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب}، مشيرا في هذه الآية إلى أن زوجة سيدنا إبراهيم عليه السلام كانت تخدم ضيوف زوجها وتكلِّمهم. وتطرق الشيخ الكبيسي إلى قضية الاختلاط من منظور آخر، مشيرا إلى أن لها بعدا نفسيا، فقال »المجتمع الضيق المنغلق إذا شاع فيه الاختلاط فجأة أصبح مفسدة كبيرة، لأن المجتمع غير معتاد عليه«. وأضاف »في العراق ومصر والإمارات الاختلاط في حدّ ذاته ليس به مفسدة خطيرة إلا من بعض العوارض والحوادث الفردية«، ولكن في المجتمعات التي كانت بعيدة عن هذا الاختلاط مثل السعودية، يقول الكبيسي »فلا بد في البداية من الرقابة الشديدة، لأن الاختلاط قد يؤدي إلى اندفاع«. لا تراجع رغم الإساءات من جانبه، قال الشيخ أحمد الغامدي -رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكةالمكرمة، في مقابلةٍ خاصة مع برنامج »أم بي سي في أسبوع« إن عددًا من الأحاديث والنصوص دلّت على إباحة الاختلاط، ما دام أنه لا توجد ملاصقة أو مزاحمة، موضحًا أنه لن يتراجع عن موقفه عقب الإساءات التي تعرض لها. واستشهد رئيس هيئة الأمر بالمعروف على ذلك بقول الرسول _صلى الله عليه وسلم- ((لا يدخلن رجلٌ على مغيبة إلا ومعه رجل أو رجلان))، مشيرًا إلى أن ذلك يدل على أنه ليس في الاختلاط ما يُنهى عنه.. إذا انتفت الخلوة. وأكد أن الخلاف هو الاختلاط، يأتي من قبيل الاجتهاد بين العلماء، مشيرًا إلى أن هذا الخلاف ينسحب أيضًا على رأيه في إغلاق المحلات في أوقات الصلاة. وقال إن إغلاق المحلات في أوقات الصلاة، مسألة مرتبطة بوليِّ الأمر، فإذا رأى وليُّ الأمر الأخذ بأحد الأقوال فيها، فيلزم الناس طاعته. مناظرة تلفزيونية وشهدت الأسابيع الماضية جدلاً واسعًا بين علماء سعوديين بشأن مفهوم الاختلاط، وصل إلى تنظيم مناظرة تلفزيونية مع الغامدي بإحدى القنوات الفضائية الخاصة. وكانت إشاعات -قد ترددت مؤخرًا- حول إقالة الغامدي من رئاسة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة، إثر تصريحاته بشأن الاختلاط وإغلاق المحالات في أوقات الصلاة، لكنه نفاها قبل نحو أسبوع. ولا تعد هذه الإشاعات هي الأولى من نوعها، وإنما سبق في ديسمبر 2009 أن تناثرت أنباء عن إقالته بسبب تصريحاته ذاتها، إلا أن الناطق الرسمي لرئاسة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نفى تلك الإشاعات في حينها.