قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة). فقد أباح النبي صلى الله عليه وسلم ما أباحه الله لعباده من الطيبات فقال (كلوا واشربوا والبسوا) وأمرهم بالصدقة لأن الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع عن الإنسان غائلة البخل وتقيه عذاب النار. فقوله صلى الله عليه وسلم (كلوا واشربوا والبسوا) أي كلوا ما شئتم من الحلال الطيب كما هو مفهوم من القرآن والسنة. وهذا الأمر يقتضي أمرين هما: الأول: أن يكون المأكول والمشروب والملبوس من الحلال الطيب بشرط أن يكون نافعاً ولائقاً ومناسباً فالمريض مثلاً لا يأكل ولا يشرب ولا يلبس ما يضره. الثاني: لا يخرج المسلم في مطعمه ومشربه وملبسه عن الحد اللائق به والمناسب له فالإمام الذي يصلي بالناس والرجل المواظب على الجماعة في المسجد لا ينبغى أن يأكل ما له رائحة كريهة كالثوم والبصل لأن ذلك يؤذي الناس. وقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم من أكل ثوماً أو بصلاً عن دخول المسجد فقال: (من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزل مسجدنا وليقعدن في بيته). والرجل مثلاً لا يلبس من الثياب ما اعتادت النساء أن تلبسه ولا من الحلي ما اعتادت النساء أن تتحلى به. فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: (لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء). وقوله صلى الله عليه وسلم (وتصدقوا) معناه أخرجوا صدقة ً طيبة بها نفوسكم مما تأكلون وتشربون وتلبسون. - فالصدقة التي لا يتبعها منٌ ولا أذى فيها مرضاة ٌ لله تبارك وتعالى ومنجاة ٌ للمسلم من بلاء الدنيا وعذاب الآخرة وفيها تحصين للمال وشفاء من الأمراض ودفع للعين والحسد وإذهاب للهم والحزن. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسراف والمخيلة وهي الكبر والرياء والغرور: فهما لا يباحان فى المأكل والمشرب والملبس والصدقة. وقد حذر الله عز وجل في كتابه العزيز قائلاً: (إنه لا يحب المسرفين). أي لا ينظر إليهم ولا يرحمهم ولا يوفقهم للعمل الصالح ولا يهديهم سبيلاً ولا يدخلهم الجنة لأنه يبغضهم ولا يحبهم والويل كل الويل لمن أبغضه الله. فمن أراد أن يقي نفسه شر الإسراف والخيلاء فليلزم الوسطية في أكله وشربه وشأنه كله.