توتّر غير مسبوق بين ليبيا وتونس *** باتت الجزائر محاطة ببركان أمني حقيقي يتربّص بأمنها واستقرارها غير بعيد عن حدودها مترامية الأطراف وقد زادت الأمور خطورة في الساعات الأخيرة بسبب التوتّر غير المسبوق الذي شهدته العلاقات بين الجارتين الشرقيتين للجزائر تونس وليبيا. غير بعيد عن التراب الجزائري الذي يتولّى الجيش الوطني وبقية الأجهزة الأمنية تأمينه عاشت الحدود التونسية الليبية أمس السبت حالة من الاحتقان والفوضى بسبب عدم تمكّن العشرات من التونسيين من العودة إلى بلادهم بسبب غلق حكومة طرابلس غير المعترف الحدود البرّية مع تونس ردّا على منع سلطات هذه الأخيرة للطائرات الليبية من الهبوط في مطار قرطاج الدولي بالعاصمة وتحويلها إلى مطار صفاقس حسب ما أفادت به أمس تقارير إعلامية محلية. وكان وزير النقل التونسي محمود بن رمضان قد أكّد أمس أنه سيتمّ تحويل (كافة) الرحلات القادمة من ليبيا نحو مطار قرطاج الدولي إلى مطار صفاقس لدواع (أمنية). ويذكر أن تونس كانت قد أعلنت غلق الحدود مع ليبيا لمدة 15 يوما ابتداء من ليلة العملية الانتحارية التي استهدفت حافلة عناصر الأمن الرئاسي في شارع محمد الخامس بالعاصمة وأودت بحياة 12 شخصا. وأوضحت آمر مطار صفاقس (طينة) سنية قميحة في تصريح لها أن جميع الاحتياطات والتدابير التنظيمية والأمنية الخاصة باستقبال الطائرات الليبية قد تم اتخاذها مؤكدة استعداد مطار صفاقس لاستقبال نحو 10 رحلات جوية يوميا من مطارات معيتيقة ومصراطة وطبرق ولبرق بليبيا. ومن جانب آخر. أفاد مصدر أمني بصفاقس بأنه تم اتخاذ استعدادات كبيرة داخل مطار صفاقس وخارجه بالإضافة إلى التنسيق مع باقي الجهات التي ينتظر أن يتوجّه إليها المسافرون القادمون من ليبيا بهدف توفير كل شروط الأمن والطمأنينة للجميع وتحسّبا لكل طارئ. وكان قرار تحويل وجهة الطائرات الليبية من مطار قرطاج إلى مطار صفاقس قد أثار موجة من الانتقادات في صفوف المواطنين بالجهة لا سيّما النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي الذين رأوا في ذلك تحويلا لوجهة العمليات الإرهابية المحتملة نحو مدينة صفاقس المعروفة بهدوئها. للإشارة أعلنت السلطات التونسية الجمعة أنها ولدواع أمنية تتعلق بالإرهاب لم تعد تسمح للطائرات الليبية بالهبوط في مطار تونسقرطاج الدولي مشيرة إلى أن المطار التونسي الوحيد الذي سيسمح لهذه الطائرات باستخدامه هو مطار صفاقس في جنوب البلاد. الإجراء التونسي ردّت عليه وبشكل فوري حكومة طرابلس التابعة لقوات (فجر ليبيا) والتي يترأسها خليفة الغويل بإغلاق الحدود البرية مع تونس بشكل تام. الحكومة التونسية كانت أعلنت الأسبوع الماضي على لسان أحد وزرائها أن (كل) الهجمات الدامية التي حصلت في تونس تم التخطيط لها في ليبيا الغارقة في الفوضى غير مستبعدة أن تعيد فرض تأشيرة على الليبيين. وزير النقل التونسي محمود بن رمضان قال لإذاعة (موزاييك إف إم) الخاصة: (تعلمون أننا نمر بوضع خطر لقد بدأنا سلسلة إجراءات أمنية) من بينها منع (الطائرات الليبية) من الهبوط في أي من مطارات تونس باستثناء مطار صفاقس في جنوب البلاد. قرار منع الطائرات الليبية من الهبوط في مطار قرطاج يأتي بعد نحو 3 أشهر على قرار تونس إعادة فتح مطاراتها أمام كل شركات النقل الجوي الليبية بعدما أغلقتها لمدة عام لدواع أمنية في إجراء استثنت منه حينذاك الشركات الليبية التي تسير رحلات انطلاقا من مطاري طبرق والأبرق (شرق). وقتل يوم الثلاثاء قبل الماضي 12 من عناصر الأمن الرئاسي وأصيب 20 آخرون عندما هاجم حافلتهم تونسي (26 عاما) يرتدي حزاما ناسفا يحوي 10 كيلوغرامات من المتفجرات في شارع يبعد 200 متر عن مقر وزارة الداخلية في قلب العاصمة تونس. وإثر هجوم الثلاثاء فرضت تونس حالة الطوارئ في كامل البلاد لمدة 30 يوما وحظر تجول ليلي لأجل غير مسمى في العاصمة وضواحيها وأغلقت حدودها البرّية مع ليبيا لمدة 15 يوما. فرنسا تحذّر من خطر (داعش) حذّر وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان من خطر تدفق مقاتلي (تنظيم الدولة الإسلامية.. داعش) إلى ليبيا لكنه استبعد في الوقت نفسه التدخل عسكريا في هذا البلد. قال لودريان في مقابلة مع مجلة (جون أفريك) الأسبوعية والتي تنشر اليوم الأحد: (نرى متطرفين أجانب يصلون إلى منطقة سرت شمال ليبيا وهم إذا نجحت عملياتنا في سورية والعراق في تقليص مساحة الأراضي الخاضعة اسيطرة داعش يمكن أن يصبحوا غدا أكثر بكثير) وأضاف: (هذا خطر هائل لهذا السبب يجب قطعا على الليبيين أن يتفقوا في ما بينهم لوضع حد للحرب الأهلية الدائرة في البلاد). وفي حين لفت الوزير الفرنسي إلى تمدد التنظيم نحو جنوب ليبيا أعرب لودريان عن قلقه أيضا من خطر اتّصال هؤلاء المتطرّفين بمتطرّفي جماعة (بوكو حرام) النيجيرية وأوضح أنه في سبيل منع حصول هذا الاتّصال يتعيّن على برلماني طرابلس وطبرق (شرق) اللذين يتنازعان السلطة في ليبيا التوصّل إلى اتّفاق على تشكيل حكومة واحدة يعترف بها الجميع وأضاف: (إذا جمعنا قوات طرابلس إلى ميليشيات طبرق فإن داعش لا يعود ذا وزن) مطالبا أيضا الجزائر ومصر القوتين الإقليميتين الوازنتين بضرورة (التوافق) للضغط على طرفي النزاع. وأكّد لودريان أن بلاده ترفض التدخّل عسكريا ضد المتطرّفين في ليبيا إذا لم يحصل اتّفاق بين الفرقاء الليبيين. وكانت الرئاسة الفرنسية أعلنت أن الجيش الفرنسي نفذ طلعات استطلاع فوق ليبيا الشهر الماضي خصوصا فوق معقل (داعش) في سرت ويعتزم تنفيذ طلعات أخرى. ويتخوّف الغربيون من تصاعد نفوذ التنظيم في ليبيا ما يهدّد أوروبا وإفريقيا على نحو مباشر لكنهم يستبعدون حاليا أيّ تدخّل في هذا البلد. وبات للتنظيم المتطرّف 2000 إلى 3000 مقاتل حسب الأمم المتّحدة بينهم 1500 في سرت المدينة الساحلية التي تبعد 450 كلم شرق طرابلس. ولجأ متطرّفون مرتبطون بتنظيم (القاعدة) طردوا من مالي منذ التدخّل الفرنسي العسكري في العام 2013 إلى أقصى جنوب البلاد عند الحدود مع الجزائروالنيجر. وللجيش الفرنسي قاعدة متقدمة قرب ليبيا أقصى شرق النيجر يراقب منها تحرّكات المتطرّفين بين ليبيا وجنوب منطقة الساحل.