كشف رئيس المندوبية الحكومية الفرنسية للكفاح ضد العنصرية ومعاداة السامية، جيل كلافرول، عن تزايد الاعتداءات ضد المسلمين في فرنسا بشكل كبير خلال عام 2015. وأضاف، في تصريح ليومية لو باريزيان الفرنسية، أنه تم تسجيل أربعمئة اعتداء ضد المسلمين خلال السنة الماضية، أي بزيادة تفوق 200% مقارنة بعام 2014 التي شهدت 133 اعتداء. وفسر كلافرول هذا الارتفاع المقلق -وفق قوله- بتداعيات الهجمات على مقر أسبوعية شارلي إيبدو، وعلى متجر يهودي بباريس في يناير/كانون الثاني 2015. ووصلت الاعتداءات ضد المسلمين ذروتها قبل أيام بمدينة أجاكسيو بجزيرة كورسيكا، حيث حاصر مئات الأشخاص حيا يقطنه عرب مسلمون، في أعالي المدينة، لمدة ثلاثة أيام، وبرروا ذلك باعتداء تعرض له رجال الإطفاء والشرطة من طرف بعض شبان الحي المحاصر. وهاجم المحاصرون مداخل العمارات ومسجد الحي مرددين شعارات أمام رجال الشرطة من قبيل "العرب برَّا" وهي عبارة تعني الطرد. وتؤكد الأرقام التي ذكرها رئيس المندوبية الحكومية الفرنسية للكفاح ضد العنصرية ومعاداة السامية ما كانت تندد به عدة منظمات حقوقية وجمعيات مناهضة للإسلاموفوبيا من اعتداءات يتعرض لها المسلمون وأماكن عبادتهم وعيشهم. وفي هذا السياق، ذكر التجمع ضد الإسلاموفوبيا، في فرنسا، أنه تم إحصاء 222 اعتداء على المسلمين، بعد هجمات باريس يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وتمثلت الاعتداءات في وضع رؤوس خنازير في المساجد، أو الحرق أو إلقاء زجاجات حارقة، أو كتابة عبارات شتم للمسلمين أو اعتداء على مسلمات وغير ذلك. ورغم أن السلطات الفرنسية قررت حراسة ما يقارب من نصف عدد أماكن العبادة، فإن الكثير منها تعرض لاعتداءات من طرف أشخاص يرجح أنهم ينتمون لما يسمى "كتلة الهوية" ذات النزعة اليمينية المتطرفة، وهي تنظيم عنيف يقول إنه يهدف إلى "الحفاظ على هوية فرنسا المسيحية". وعلق منسق التجمع ضد العنصرية والإسلاموفوبيا، عبد العزيز شعانبي، في تصريحات لموقع "الجزيرة نت"، على أرقام الاعتداءات ضد المسلمين المذكورة، بقوله "لسنا مندهشين من هذه الأرقام القياسية للاعتداءات على المسلمين، إنها ناتجة عن حسابات سياسية ضيقة لقادة سياسيين فرنسيين". وأضاف شعانبي أن هؤلاء القادة "تمادوا في تشويه سمعة المسلمين وفي تصويرهم للرأي العام في شكل تهديد أمن ورفاهية وحياة الفرنسيين. وهو يشجع على ارتكاب اعتداءات مثل ما حدث في كورسيكا". وأضاف أنها عمليات شبه طبيعية في سياق استغلال العداء للإسلام لأغراض سياسية، مشيرا إلى أن للأزمة الاقتصادية دورا كبيرا في ما يحصل، وأن المسؤولين السياسيين أرادوا تحويل أنظار المواطنين عن الأزمة ووجهوا أصابع الاتهام للآخرين والمهاجرين واللاجئين وخاصة للمسلمين. ومن جانبه، قال المؤرخ ورئيس تحرير مجلة حقوق الإنسان" جيل مونسرون إن المجتمع والسلطات في فرنسا لم يؤديا العمل الواجب لاستئصال العنصرية من المجتمع ومن الرؤوس، وقال "في الأزمات تعود العنصرية للظهور، وبالخصوص لدى اليمين المتطرف، ولا يقتصر الأمر على أقصى اليمين بل يتعداه إلى اليمين التقليدي وإلى جزء من اليسار". وأبدى مونسرون قلقه من رد الحكومة الذي وصفه بالمتشدد، خاصة بعد هجمات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقال "كان هناك إفراط في قمع غير مفيد وغير ضروري ضد أشخاص مشتبه في أمرهم، ورأينا ذلك في مداهمة عنيفة للبيوت في عز الليل وتوقيف الآباء أمام أطفالهم وغير ذلك من التصرفات في إطار حالة الطوارئ...".