توقّعات ترعب الجزائريين: *** واصلت الصحف البريطانية اهتمامها بتداعيات انخفاض أسعار النفط ونشرت أكثر من صحيفة عنوانا أن (البترول سيصبح أرخص من الماء). نشرت صحيفة (التايمز) تحت هذا العنوان مقالا لمراسلها لشؤون النقل نقل فيه عن خبراء بشؤون الطاقة توقّعهم أن تصبح أسعار وقود البنزين والديزل أرخص من قنينة ماء إثر الانهيار الحاصل في أسعار النفط الخام ولا شكّ أن مثل هذه التوقّعات ترعب الجزائريين أكثر من غيرهم نظرا لاعتماد بلادهم المطلق على تصدير النفط وعوائده كمصدر وحيد تقريبا للدخل. وتنقل الصحيفة عن شركة (RAC) المختصّة في السيّارات والتأمين عليها قولها إن أسعار الوقود قد تنخفض إلى نحو 86 بنسا للّتر الواحد وهو أكبر انخفاض منذ سبع سنوات على الأقل. وسيوفّر هذا الانخفاض ما معدله تسعة جنيهات إسترلينية عند ملء خزّان سيّارة العائلة مقارنة مع أسعار بداية الشهر الجاري. ويشدّد التقرير على أن بحوثا في الأسبوع الماضي أظهرت أن انخفاض مجمل أسعار النفط يصل إلى نسبة الربع عن العام الماضي بينما زادت أرباح الشركات (بصورة ملحوظة) إذ انخفض سعر النفط الخام بنسبة 30 في المئة منذ مطلع شهر ديسمبر من 43.26 للبرميل إلى 30.06 يوم الاثنين وهو أرخص سعر منذ 12 عاما بسبب ضعف الطلب ووفرة الإنتاج. وعرج المقال على تخفيض عدد من البنوك الكبرى ومن بينها (ستاندرد تشارترد) و(غولدمان ساكس) و(أر بي أس) و(مورغان ستانلي) من سقف توقعاتها لأسعار النفط لعام 2016 ليصل إلى توقّع منخفض يصل إلى نحو 10 دولارات للبرميل وهو أقلّ تقدير منذ 18 عاما. قدّمت صحيفة (الديلي تلغراف) تغطية بالعنوان نفسه مع صورة في أعلى صفحتها الأولى لخرطوم وقود السيارات يصب في قدح. وأشارت الصحيفة في تغطيتها إلى أن أسعار خام برنت انخفضت إلى 29.96 بعد ارتفاع مؤقت خلال تعاملات أمس بسبب أنباء عن أن روسيا قد تخفض مستوى انتاجها النفطي. وتقول وكالة الطاقة الدولية إن مجمل الإنتاج النفطي الروسي قد وصل في عام 2015 إلى أعلى ذروة له في حقبة ما بعد الاتحاد السوفياتي. ويضيف التقرير أن المملكة العربية السعودية حضت موسكو وهي ليست عضوا في (الأوبك) على خفض إنتاجها النفطي للمساعدة في إعادة التوازن للسوق النفطية التي تعاني من وفرة كبيرة في العرض. وتنقل الصحيفة عن وكيل وزارة المالية الرّوسي ماكسيس أوريشكين قوله أمس (قد تؤدّي أسعار النفط الحالية إلى إغلاق سريع وصعب تماما لمنتجين نفطيين معينين خلال الأشهر المقبلة). وترى الصحيفة في ذلك إشارة مهمّة إلى أن انخفاص اسعار النفط بدأ يؤذي شركات الإنتاج الروسية. وكرّست صحيفة (الغارديان) مقالها الافتتاحي لتناول تداعيات انخفاض أسعار النفط الخام التي قسّمت إلى جزءين حمل الأول عنوان (انخفاض أسعار النفط: الجيّد والسيّئ والزيتي للاقتصاد والطبيعة) في استعارة واضحة لعنوان فيلم الويسترن الشهير (الطيّب والشرّير والقبيح). وتحلّل الافتتاحية أثار انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد العالمي والبيئة فاقتصاديا تُذكّر الصحيفة بالافتراض النموذجي الغربي عن أن انخفاض أسعار النفط هو نعمة مشيرة إلى أن ارتفاع أسعار النفط كان يسبق في الغالب الركود الاقتصادي بوقت قصير كما هي الحال في الأعوام 1973 و 1979 -1980 و1990 لكنها ترى في الوقت نفسه أن انخفاض أسعار النفط قد يكون نتيجة أو سببا للضعف الاقتصادي كما كانت الحال في عام 2008 عندما أصبح مجرّد عرض من أعراض الركود الاقتصادي الكبير. وتستدرك الافتتاحية بالقول: (لكن الشيء الجيّد الذي يمكن قوله عن انخفاض أسعار النفط اليوم هو أن التباطؤ الاقتصادي العالمي سيكون أكثر حدة من دون هذا الانخفاض). وتعرّج الصحيفة على أثار ذلك على البيئة وترى أن الصورة معقّدة لكن ثمّة الكثير من أسباب التفاؤل خاصّة عند النّظر إلى أن الأسعار الرخيصة ستؤدّي إلى عدم تشجيع الاستثمار في مجالات استخراج الوقود الأحفوري كما هي الحال مع إعادة تقييم شركة (بريتش بتروليوم) لعملياتها في بحر الشمال (بي بي سي). (الديلي تلغراف): (سعر برميل النفط سيصل إلى عشرة دولارات) قالت صحيفة (الديلي تلغراف) البريطانية إن انخفاض أسعار النفط الخام قد يوصل سعر برميل النفط إلى عشر دولارات حسب تحذيرات لعدد من البنوك الكبرى. في مقال كتبته مراسلة الشؤون الاقتصادية في الصحيفة مهرين خان قالت (التلغراف) إن أسعار النفط الحالية انخفضت إلى أقلّ من 30 دولارا وسط تحذيرات بأنها قد تنخفض إلى نحو 10 دولارات مشيرة إلى أن بنك (ستاندرد تشارترد) كان آخر البنوك الذي خفض توقعه المستقبلي لأسعار النفط إلى 10 دولارات لينضمّ بذلك إلى بنوك أمثال (غولدمان ساكس) و(آر بي أس) و(مورغان ستانلي). ويشير المقال إلى أن أسعار خام برنت قد انخفضت إلى أقل مستوى خلال 12 عاما وهو 30.41 للبرميل الواحد بينما انخفض خام غرب تكساس المتوسط في التعاملات إلى 29.93 دولار وهو المستوى الذي وصل إليه آخر مرة في ديسمبر 2003. وحذّر محلّلون من أن السوق النفطية ستظلّ غير متوازنة بشكل جوهري ما دامت ثمّة زيادة في العرض والتجهيز وركود في الطلب على النفط. وقال بنك (ستاندرد تشارترد) إن انخفاض الأسعار ليس له قاع (حتى يعترف مدراء الأموال في السوق بأن الأمور شطحت كثيرا) مضيفا أنه (بالنظر إلى غياب علاقة جوهرية تدفع أسعار النفط للاتزان فإن الأسعار تتحرّك حسب التدفّقات المالية الأخرى لأسعار الأصول الأخرى مثل الدولار والبورصة). وأوضح المقال أن آخر مرّة انخفضت فيها أسعار النفط لتصل إلى مستوى 10 دولارات كانت في ذروة الأزمة المالية الآسيوية في عام 1998. ونقلت (التلغراف) عن مديرة صندوق النقد الدولي كرستين لاغارد قولها إن (عوامل العرض والطلب تدلّ على أن أسعار السلع الأساسية ستبقى منخفضة لمدة من الوقت). يأتي التحذير وسط تأكيدات من (أوبك) التي تسيطر على ثلث إنتاج العالم من النفط لعدم استجابة بعض دعواتها لإجراء لقاء طوارئ. وتجتمع (أوبك) مرّتين في السنة إلاّ أن لقاءها الأخير في ديسمبر الفائت انتهى لطريق مسدود حول الحد الأعلى من الإنتاج بينما تسعى السعودية وإيران للهيمنة على حصة السوق العالمية. ويتوقّع أن يكون الاجتماع القادم في جوان وقال وزير نفط نيجيريا إن عضوين اثنين على الأقل دعيا إلى اجتماع استثنائي لتحديد الأسعار لكن الآمال تلاشت سريعا بعد رفض الإمارات. وقال وزير الطاقة الإماراتي محمد المزروعي إن قرار (أوبك) بالحفاظ على الإنتاج وحشد المتنافسين ما زال يواجه انقسامات مشيرا إلى أن تشافي أسعار النفط يتطلب ما يقارب ال 18 شهرا معتبرا أن (أوبك وحدها لا يمكن أن تغيّر الاستراتيجية أو أنها ستغيرها لمجرد رؤية انخفاض بالأسعار). وقالت المنظّمة التي تضمّ 13 شخصا إنها ستقبل بإنتاج منخفض إذا وافقت الدول خارج المنظّمة خصوصا روسيا على خفض إنتاجها. وحذّر محلّلون من مؤسّسة (إينرجي آسبكتس) من أن انهيارا سيحصل مشيرين إلى أن (مستوى انخفاض الدعم يجب أن يكون أعلى لمحاولة استعادة التوازن). واختتمت (التلغراف) مقالها بالقول إنه (حتى لو كان الجو يشهد تطبيعا ما والدعم بدأ بالانخفاض فإن خطر المزيد من انهيار أسعار النفط ما زال موجودا وواردا) حسب (إينرجي آسبكتس).