باتت المليشيات المسلّحة في العراق القوّة الموازية للدولة ويرى البعض أنها المسؤولة الأولى عن عمليات الخطف التي طالت العراقيين وحتى الأجانب في ظلّ غياب الدولة التي تتذرّع بانشغالها بمحاربة ما يسمّى الإرهاب وفق مصدر أمني. في ظلّ تمادي المليشيات التي باتت تسيطر على الواقع العراقي ترى مصادر أمنية أن ضعف الحكومة العراقية وراء هذا التمادي في حين تطالب أطراف سياسية بضرورة حصر السلاح بيد الدولة ومحاسبة المجموعات المسلّحة التي أصبحت تهدّد أمن واستقرار البلاد. وتعيش العاصمة بغداد وبعض المحافظات تدهوّرا أمنيا ملحوظا يتخلّله تكرار حالات الاختطاف لعراقيين وعرب وأجانب على يد المليشيات المسلّحة التي فرضت سيطرتها بشكل واضح وعلني على الشارع العراقي بعد جوان 2014. واعترف المصدر الأمني بأن تجوّل المليشيات في بغداد في ظلّ تغطية الحكومة والقانون جعلها قوّة موازية للدولة وهذا ما أضعف الأخيرة بشكل كبير خاصّة وأنها تتذرّع بانشغالها بمحاربة ما يسمّى الإرهاب وقال: (لقد أصبحت هذه المجموعات أقوى من مؤسّسة الدولة بما تمتلكه من حماية توفّرها أحزابها السياسية التي باتت جزءا من العملية السياسية في البلاد). * حرب تنظيم الدولة عن سعي الحكومة لمحاسبة هذه المليشيات المتّهمة بعمليات الاختطاف قال المصدر الأمني: (لا تستطيع الدولة الاصطدام مع هذه المجموعات فالأمر خطير جدّا في ظلّ الظروف التي تعيشها البلاد). لكن هذا المصدر أشار إلى أن (الحكومة تراقب وتجمع المعلومات بشأن العمليات التي تنفّذها المليشيات فليس من الحكمة أن تواجهها في هذا الوقت وهي تخوض حربا ضد تنظيم الدولة الإسلامية) واستدرك قائلا: (قد تتّجه الحكومة إلى الضغط على الأحزاب السياسية لتتّخذ إجراءات في حقّ أذرعها المسلحة). وتعدّ حركة عصائب أهل الحقّ (بزعامة قيس الخزعلي) ومنظّمة بدر (بقيادة هادي العامري) وكتائب حزب اللّه تنظيم العراق من أبرز المليشيات (40 فصيلا) تأثيرا في العراق والمتّهمة بالوقوف وراء عمليات الاختطاف التي تجري في البلاد. ولا يخفي المتحدّث باسم الحكومة سعد الحديثي أن ازدياد حالات الاختطاف بات يؤرّق الحكومة موضّحا (أنها إحدى أهمّ الملفات التي تسعى الحكومة إلى إحراز تقدّم فيها مع تنامي الجريمة المنظّمة وعمليات الخطف والسلب والسرقة). وعن دور الحكومة قال الحديثي إن (جهدها منصبّ على الحرب ضد الإرهاب الآن) لكنه أكّد أن توجيهات رئيس الحكومة حيدر العبادي واضحة بهذا الشأن بمطالبته وزارة الداخلية بالتصدّي لأيّ وجود مسلّح خارج إطار الدولة مشيرا إلى (وجود بعض المجموعات المسلّحة والعصابات التي تحاول تحقيق مكاسب معيّنة ولأطراف معروفة غايتها توتير الوضع الأمني في البلاد). ورفض الحديثي التعليق على الآلية التي تستطيع الدولة من خلالها السيطرة على سلاح المليشيات. * عملية خطف كان مصدر في وزارة الداخلية قد أفاد بأن مسلّحين مجهولين يرتدون الزيّ العسكري اختطفوا خمسة أشخاص واقتادوهم إلى جهة مجهولة (اثنان منهم من منتسبي الأجهزة الأمنية) بعد اقتحامهم شقّة سكنية وسط بغداد في مشهد بات يتكرّر في العاصمة العراقية. من جهته يرى النائب عن ائتلاف الوطنية حامد المطلك أن عمليات الخطف ليست جديدة مؤكّدا أنه سبق وأن نبّه الحكومة والأجهزة الأمنية إلى ضرورة وضع حدّ للانتهاكات التي تطال حرّية الشعب العراقي وكرامته وفق تعبيره. ويعترف المطلك بأن الأجهزة الأمنية لن تتمكّن من معالجة هذه الظاهرة بسبب الفساد الذي بات ينخر المؤسّسة الأمنية لافتا إلى أن ظهور المليشيات من جديد على الساحة مستغلّة بعض الأسماء والأوضاع المتردّية أسهم بشكل كبير في تفشّي الفوضى وشدّد على أن عمليات الاختطاف التي طالت ضيوفا دخلوا البلاد بطريقة رسمية بالإضافة إلى خطف الأمريكيين الذين يملك العراق علاقات تحالف معهم يعدّ دليلا على خطورة هذه المجاميع التي أصبحت وبالا على الجميع حسب المطلك. وعن المعالجات قال النائب: (لا يمكن معالجة ما آلت إليه الأمور إلاّ بحصر السلاح بيد الدولة وملاحقة المجرمين فضلا عن بناء المؤسّسة الأمنية من جديد).