شاعت في السنوات القليلة الماضية ظاهرة تعدد الأسماء، حيث يُسمى الطفل باسمين أو ثلاثة فيختار له الأب اسما والأم آخر، وربما الجد أو الجدة أو حتى العم والعمة، وأحيانا أصدقاء العائلة أيضا يقترحون أسماء للمواليد. يريد الأب وحسب التقاليد أن يسمي ابنه على اسم جده وابنته على اسم جدتها، والأم كذلك وإن لم تختر له اسم والدها أو أمها، فإنها تحاول على الأقل أن تفرض اسما يعجبها، وقد يتفق الزوجان حتى قبل الزواج على أن يسمي الرجل المولود إذا كان ذكرا، وإن كانت أنثى فتتكفل الأم بذلك، أو العكس، وقد يجد في النهاية الوالدان نفسيهما مضطرين لأن يختارا أكثر من اسم لابنهما، خاصّة إذا تدخلت أطراف أخرى وحاولت أن تشارك في تسميته، مثل الجد أو الجدة من الأم أو الأب، والكثير منهم يرون أنّ تسمية الحفيد على اسم جده ضرورة لأن ذلك سيجعله متمسكا بتقاليده وأصله، فلا يتنكر لهما، بل أن تسمية المولود قد تتحول إلى مسألة شرف، حيث تحكي لنا حبيبة أنها وبعد أن تزوجت اتفقت مع زوجها على أن تسمي ابنها البكر، ويتولى هو تسمية الطفل الثاني ثم هي الثالث وهكذا، لكن المشاكل بدأت مع ازدياد المولود الأول وكان طفلة، حيث وبعد أن اختارت لها الأم اسما، تدخلت والدة زوجها، وأقنعت ابنها بأنّ عليه أن يختار هو الاسم، بل إنّ عليه أن يسمي ابنته باسمها، لأنّ العادات تفرض عليه ذلك، لكنّ المسألة- تقول حبيبة- لم تكن مسألة عادات ولا شيء، بل إنّ حماتها ساءها أن لا يتكفل ابنها بتسمية ابنته البكر، فراحت تضغط عليه ليفعل، فاتفقوا حينها على تسمية الفتاة نور(والذي اختارته الأم)، وهدى( الذي اختارته حماتها)، فأصبح الاسم مركبا »نور الهدى«. وتقول سمية في نفس السياق إنها انزعجت من الاسم الذي أراد والد زوجها أن يطلقه على ابنها وهو لخضر، الذي رأى أنه اسم تقليدي لا يناسب العصر، لكنها اضطرت إلى قبوله حتى لا تثير المشاكل، لكنها مع ذلك رأت أن تضيف له اسما تختاره هي لتناديه به، وهو رفيق، فأصبح اسم الابن لخضر رفيق. أما آخرون فيسمون أبناءَهم بأسماء مزدوجة أو ثلاثة حتى يتناسب الاسم الثاني مع مجتمع أو بلد آخر، فرتيبة سميت ابنها بوعلام على اسم والدها، كما أضافت سامي، لأنه اسم يتماشى مع العصر، كما أنه لا يطرح إشكالا للطفل إذا ما هاجر يوما إلى بلاد غربية، ولن يكون له اسم غريب أو يصعب النطق به. لكنّ هذه الأسماء المركبة قد تكون مصدر إزعاج للأطفال حين يكبرون، فمن جهة فإن الطفل سيكبر باسمين أو ثلاثة، حيث يناديه كل فرد من أفراد العائلة بالاسم الذي يعجبه، وحتى في المدرسة قد يناديه الأستاذ باسم، وآخر باسمه الثاني، وهو ما يحدث له مع أصدقائه وأقاربه ومعارفه، كما أن الاسم المركب قد يكون طويلا وغير متناسق، أي ليس جميلا، خاصّة وأنه عادة ما يجمع بين اسم »تقليدي« وآخر »عصري«، فمثلا نجد من سُمي: قدور سفيان، أو ريان سعيد، أو يحيى تامر، وبالنسبة للإناث نجد: ماريا سعيدة، أو شهيناز حدة، وقد التقينا بمحمد أمين عنتر، والذي صارحنا بأن اسمه طويل ومعقد وصعب الحفظ وكذلك غير متناسق- كما وصفه لنا- كاد يسبب له عقدة نفسية، حيث أن كل واحد من معارفه وحتى أسرته يفضل أن يطلق عليه اسما معينا من الأسماء الثلاثة والذي يعجبه أو يجده خفيفا.