أرسلت لي صديقة على صفحة "الفايس بوك" بداية السنة الميلادية رسالة أعجبتني، بل جعلتني أغيّر فكرتي في كثير من الأمور، ولهذا أردت أن أنشر أهمّ ما جاء فيها: "أخي العزيز، في نهاية سنة 2010، وبينما أنا أقوم بجرد الأعمال التي قُمت بها في هذه السنة، وجدت أن رصيدي الخاص بأعمال الخير يساوي الصفر، ولذلك عاهدت نفسي على أن تكون سنة2011، إن شاء الله، سنة مليئة بمثل هذه الأعمال، ومن بينها عمل أردت أن أشترك معكم في القيام به، يتمثل هذا العمل في خطوتين أهمّها تكوين مجموعات وذلك على أساس مقرّ السكن، فمثلا الأعضاء المتواجدون في الجزائر العاصمة يشكلون مجموعة، ونفس الشيء بالنسبة للمناطق الأخرى، وإذا لم تساعدنا هذه الطريقة، كلّ منا يشكل مجموعته حتى لو لم يكونوا من أصدقاء "الفايس بوك" ثم نقوم بزيارة دور الأيتام ودور العجزة ومرضى السرطان... الخ، قصد التخفيف من معاناتهم وآلامهم، وفي الأخير أرجو منكم تقديم آرائكم حول هذه الفكرة، حتى لو لم تعجبكم، وإذا كانت لديكم أفكار أخرى حول الموضوع فلا تبخلوا عليّ بها". ما إن قرأت الرسالة حتى أعجبت بها، ودون حتى أن أتوّقف عند التفاصيل بدت لي الفكرة جميلة، بل رائعة وتستحقّ فعلاً التأمل، فكثيراً ما نخشى على أموالنا من أن نضعها في غير موضعها، فتذهب إلى غير مستحقيها، وهم كثر، إذ لا نعثر على محتاج، مع أنّ المتسولين يملئون الشوارع، ولكن اغلبهم ليسوا إلاّ أشخاصا انتهازيين جشعين محتالين، صار التسوّل لديهم إلى حرفة، وكذلك بعض الجمعيات الخيرية التي فقدت مصداقيتها حيث تحوّل بعضها إلى أوكار تُسيّرها جماعات من المشبوهين، لا هدف لهم إلاّ جمع أموال الناس وتقاسمها بينهم، فصار المُحسن في بلادنا يرسل بأمواله إلى أقاصي الأرض إذا ما سمع بزلزال أو كارثة او حربا حلّت ببلاد، ربما لم يسمع عن وجودها من قبل، فيما يتضوّر جاره جوعا وبؤسا، ولا يجد ما يأكله. جعلتني رسالة الفتاة أفكر في أنّ طريق الإحسان ليس صعبا كما نحسبه، بل إنّه سهل ويسير، وعمل قد يبدو لنا صغيرا يمكن أن يُفرح قلوب كثيرين، خاصّة هؤلاء المرضى الذين يرقدون في المستشفيات، وقد لا يجدون حتى شخصا يُؤازرهم ويُؤنسهم في وحدتهم القاسية، وأطفال أيتام ليس لهم من يرأف بهم ويحنّ عليهم، وشيوخ عجزة يموتون ببطء، يقتلهم ماض سحيق أو مستقبل مظلم، ويعانون الحنين والخيانة والحسرة والعدم. كلّ هؤلاء يحتاجون إلى من يسمح، ولو دمعة واحدة من دُموع صارت عزاءهم الوحيد في دنياهم، ويحتاجون إلى من يقاسمهم آلامهم وأحزانهم ولو لساعات معدودات، ويحتاجون إلى من يمنحهم الأمل والأحلام والأفق، وكلّ معنى جميل افتقدوه وافتقدهم.