أحمد عاطف، اسم أصبح متداولا بشكل ملفت للانتباه، في مجال الإخراج السينمائي، كيف كانت البداية؟ قبل أن أخوض تجربة الإخراج، أنا أعتبر نفسي ابن السينما والعاشق للتمثيل وكل ما يتعلق بالتصوير والتلفزيون، والفن بشكل عام، لذلك دخلت عالم التمثيل وأنا لم أتجاوز سن الخمسة عشرة سنة، من خلال الكاستينغ الذي أجريته في فرقة ''الفنانين المتحدين''، بعدها شاركت في أكثر من عمل تلفزيوني بين المسلسلات والبرامج، بجانب العديد من الممثلين الكبار أمثال الأستاذ محمود المليجي، يحي شاهين، وغيرهم• هذا الاحتكاك مع وجود الرغبة في مواصلة الطريق نحو الفن، سمحت لي مستقبلا في أن أتخصص في هذا المجال، لذلك أرى بأن تجربة الإخراج كانت بداخلي، وحين وصلت إلى مرحلة وجدت فيها نفسي بأني قادرا على خوض هذه التجربة دخلتها، والحمد لله أعتقد بأنني أسير فيها بشكل جيدة• الذي يتطلع إلى سيرتك الذاتية، يكتشف أن مشوارك الفني كان يدور بين التمثيل والعمل الصحافي، فلماذا لم تواصل في هذين العملين فقط؟ والله من خلال عملي الصحافي، والتمثيل اكتشفت بأنني يمكن أن أكون أكثر من مجرد ممثل، أو ناقد سينمائي، لهذا خضت تجربة الإخراج، المسألة لم تكن سهلة بالمرة• إذا كيف كانت بداية هذه التجربة؟ دراستي بالأصل كانت في معهد السينما، وكنت حينها متخصصا في الأفلام القصيرة والأفلام التسجيلية، كما أنني قمت أيضا بإجراء العديد من الدورات التدريبية في مجال الإخراج السينمائي، هذا ما فتح أمامي الأبواب لدخول عالم السينما، وبخاصة في الفترة التي كنت فيها منظم للمهرجانات السينمائية التي كانت تقام بمصر، والتي سمحت لي بعد ذلك بالاقتراب من المخرجين والمختصين بالإخراج السينمائي، ثم أخرجت''عمرو,''2000 ''إزاي تخلي البنات تحبك''، ''إسماعيلية رايح جاي''، ''الغابة''، ومع كل فيلم كنت أقوم بإخراجه كنت أكتسب خبرة أكبر من التي كانت معي من قبل• نبدأ من آخر فيلم أخرجته للمشد السينمائي العربي، ''الغابة'' الذي حقق شهرة واسعة لك، كيف جاءت فكرة إخراجه سينمائيا؟ فكرته تعود إلى ما قبل 16 سنة تقريبا، وهي كانت عبارة عن فيلم تسجيلي قصير المدة، وهو رسالة تخرجي من المعهد المصري العالي للسينما، وطوال هذه الفترة كنت أبحث له عن صيغة أخرى غير الصيغة التي أخرجته بها أول مرة•• هذه هي فكرة إخراجه• ألا تعتقد بأن ما تطرقت إليه قبل 16 سنة كفيلم وثائقي تسجيلي، لم يعد صالحا لأن يخرج للناس بنفس الفكرة والمضمون؟ لو شاهدت الفيلم، لوجدت بأن فكرته لم تخرج سينمائيا مطلقا في السينما العربية، لكون فكرته تندرج وتخص فئة من الصعب أن نتطرق إليها بكل البعد الذي عالجناه في فيلم''الغابة''، فأحداث الفيلم تدور كلها حول مجموعة من أطفال الشوارع يتعرضون إلى الكثير من الضغوطات والعنف من قبل رجال الشرطة، كما يبرز هذا العمل أيضا الاعتداء الجنسي والجسدي الذي يتعرض له هؤلاء الأطفال المشردين في الشوارع، دون أن يعبأ بهم أحد، فهم فئة في نظر المجتمع مجموعة من الصعاليك، والشياطين الصغيرة، ليس إلا، كما يحملهم المجتمع ذنب الفوضى التي تعم الشوارع والأحياء، غير عابئين بكل ما يتعرضون له يوميا من قهر وعنف• نلاحظ أن فكرة الفيلم، هي فكرة مستهلك، وسبق تداولها من قبل في العديد من الأعمال السينمائية والدرامية أيضا، ألم يجعلك هذا الأمر تشعر بالخوف من فشل العمل؟ بالعكس•• فكرة العمل لم تكن مستهلكة أبدا، كانت هناك بعض الأعمال التي تحدثت عن هذه القضية الحساسة، ولكن لا أحد من المخرجين قام بإخراجها بالشكل الذي أخرجته أنا، وأركز هنا على نقطة مهمة، وهي أنه لا توجد أي شركة إنتاج تغامر بإنتاج فيلم من هذا النوع، خاصة وأن بطولة الفيلم كانت للأطفال بنسبة كبيرة جداً، وكلنا نعرف بأن أغلب المنتجين يميلون إلى انتاج الأعمال السينمائية أو الدرامية التي يكون فيها الممثلون هم نجوم السينما، لذلك قمت أنا بتمويل الفيلم وإخراجه للعالم، والحمد لله على كل شيء، نجحت في هذا العمل بنسبة كبيرة جداً، أنا لم أتوقعها• ماذا أراد أحمد عاطف المخرج، والمنتج من هذا العمل؟ قبل حوالي16 سنة، تم رفض هذا العمل وكدت بسببه أن لا أحصل على شهادة التخرج من المعهد، لأنه قوبل بالكثير من الرفض، على اعتبار أنه يعري الواقع المصري، لكني كنت أراهن على هذا العمل كثيرا، لسبب واحد هو أنه يعالج قضية أطفال الشوارع بكل تفاصيلها، حتى أني استعنت بالفعل بأطفال الشوارع من أجل تصوير أحداث الفيلم• ماذا أردت من الفيلم؟ سؤال يبدو صعبا نوعا ما، ويمكن أن أقول فيه الكثير، لكن سأكتفي بالقول بأني أردت من خلال هذا العمل أن أكشف للمجتمع العربي حجم الضرر الذي يتلقاه طفل الشارع من قبلهم، و هذا العمل هو دعوة مني إليهم للمّ شملهم، والعمل على إعطاء الطفل كل حقوقه التي ستمكنه من العيش في سلام وطمأنينة• لأول مرة نشاهد فيلما مصريا يأخذ فيه الطفل البطولة المطلقة، ألا تعتقد معي بأنها مغامرة كبيرة وخطوة صعبة نوعا ما على أي مخرج ومنتج جديد؟ المغامرة الحقيقية كانت في كيفية الوصول إلى أطفال باستطاعتهم تأدية تلك الأدوار، وهذا ما عانيت منه كثيرا في بداية العمل، حيث استعنت في البداية ببعض الأطفال الذين يملكون خبرة في التمثيل، لكن المفارقة التي حدثت لي هي أن أغلبهم فشل في أداء العديد من الأحداث، لذلك عدت واستعنت بأطفال شوارع حقيقيين، وكان عليّ وعلى فريق العمل الذي انتقيته للعمل معي، تعليم هؤلاء الأطفال أبجديات التمثيل•• يعني لن أسرد عليك كل التفاصيل التي حدثت معي، وجعلتني في البداية أشعر بأني سأفشل في إخراج هذا العمل إلى النور، لكن مع مرور الوقت، وجدت بأن هؤلاء الأطفال يملكون الموهبة في تأدية تلك الأدوار، بالإضافة إلى أنهم تعبوا معنا كثيرا فأغلبهم لم يقبضوا ولا فلسا واحدا، بمعنى آخر كانت تجربة العمر سواء لي كمخرج ومنتج أو لفريق العمل وحتى الممثلين• كيف هي رؤيتك لواقع السينما الجزائرية، وهل أنت على اطلاع عليها؟ من خلال مشاركتي اليوم في الأيام السينمائية التي تحتضنها الجزائر، كانت لي فرصة الإطلاع أكثر على واقع السينما الجزائرية الذي أرى بأنه ينبئ بمستقبل زاهر إذا ما توفرت الظروف لذلك، وأعتقد بأن المشكل الأول والأخير الذي تعانيه السينما الجزائرية، هو غياب وعدم وجود سيناريوهات قوية، قادرة على جذب المشاهدين، وقادرة أكثر على خلق عمل درامي جيد، لكن على العموم التجربة الجزائرية تبشر بالخير لمهنة السيناريو في الجزائر والذي سيكون ركيزة أساسية للانطلاق مختلف الأعمال السينمائية التي يبحث عنها المشاهد الجزائري والعربي أيضا• وما رأيك في السينما العربية وما تقدمه في الوقت الحالي؟ السينما العربية وبخاصة المصرية باعتبارها الرائدة في هذا المجال، تعيش تطورا محسوسا، ومستمرا أيضا، لكنها تعاني بين الحين والآخر نوعا من التذبذبات، لكون صناعة السينما مرتبطة في الأساس بالعديد من العوامل السياسية، والاقتصادية والاجتماعية، لكن على العموم السينما العربية تسير في الطريق الصحيح• برأيك هل تحاكي السينما الحالية الواقع العربي الذي نعيشه؟ أكيد•• وبلا شك أيضا، لطالما اعتبر النقاد والسينمائيين أن أكثر وسيلة تأثيرا وتأثرا بالواقع الذي نعيشه هي السينما، سواء كانت تلك الأعمال اجتماعية، أو سياسية، أو كوميدية، ونحن دائما نقول بأن السينما هي مرآة المجتمع الذي أنتجت فيه، وأعتقد بأننا إذا أردنا أن نعرف مجتمعا ما علينا أن نطلع على ما أنتجه ذلك المجتمع سينمائيا ودراميا، لأن السينما هي رسالة المجتمع• قبل أن نختم حوارنا معك، ما جديد المخرج أحمد عاطف فنيا وأدبيا؟ لدي فيلم، سيكون حاضرا في عيد الأضحى المبارك، سيكون أقل حدة من أعمالي السابقة نوعا ما، وهذا لأني أرغب في أن أخرج أعمالا سينمائية متنوعة ومتعددة•• أما أعمالي الإبداعية فهي ديوان شعري سيصدر بعد شهر إن شاء الله، تحت عنوان ''مفتاح الحياة''، هذا هو جديدي بشكل عام• وأشكر جريدتكم المحترمة على هذا الحوار وتمنياتي لطاقم تحريرها بالمزيد من النجاح والإبداع، وشكرا على التواصل•