2016.. سنة المواجهة الكبرى في فلسطين ** تواصل دولة الاحتلال الصهيونية العمل جاهدة على استنفار قوّاتها للمواجهة مع الفلسطينيين من أجل كسر شوكتهم بجبروتها العسكري إلاّ أن الواقع يؤكّد كلّ مرّة أن الحقّ الفلسطيني ينتصر دائما مهما بلغت قوّة الأعداء. ق.د / وكالات منذ العدوان الصهيوني على لبنان عام 2006 وبعد الحرب الأخيرة على غزّة عام 2014 لم تتوقّف التقديرات والتوقّعات الصهيونية من نشوء حرب أو اندلاع مواجهة عسكرية جديدة على الحدود الشمالية (مع حزب اللّه في لبنان) وعلى الحدود الجنوبية (مع حركة حماس في قطاع غزة) ومع ذلك كانت التقديرات الصهيونية تبرز عامل عدم رغبة الطرفين (حزب اللّه في الشمال وحماس في الجنوب) في التصعيد أو في خوض مواجهة عسكرية مع التأكيد على أن أيّ حادث أو عملية من شأنها أن تتدهور إلى مواجهة شاملة. وقد نشرت صحيفة (يسرائيل هيوم) أخيرا تقديرات مشابهة تفيد بأن (الجيش الإسرائيلي يتوقّع نشوب حرب في العام الحالي وأنه طلب من عناصره أن يكونوا على درجة تامة من الجهوزية القتالية العالية لمواجهة حالة حرب جديدة قد تندلع خلال العام 2016). ومرّة أخرى استدركت الصحيفة بالقول إن (هذه التوقّعات لا تعود لوجود احتمالات كبيرة للحرب أو تضاعف هذه الاحتمالات بل لأن فرص وقوع القتال باتت ممكنة وكامنة في حالات أو أحداث كثيرة. غير أن مميّزات وملامح الحرب المقبلة ستكون في حال اندلاعها ووفقا للسيناريو الإسرائيلي مغايرة كليا لتلك التي وقعت في العقود الثلاثة الأخيرة. الحرب القادمة في حال اندلاعها ستشهد ضرب قطع عسكرية بحرية واحتمالات إسقاط مقاتلات جوّية وإغلاق مطار اللدّ (ديفيد بن غوريون وفقا للاحتلال) الدولي ووقف حركة الطيران المدنية إلى الأراضي المحتلّة. ومع أن جيش الاحتلال يدّعي أنه يملك القدرة لتوجيه ضربة قوية لكلّ من يضرب دولة الاحتلال إلاّ أن التقديرات تؤكّد أنه من الخطأ الاعتقاد بأنه يمكن إنهاء الدورة القادمة من المواجهة العسكرية خلال 48 ساعة بل إن المواجهة المقبلة حسب الجيش الإسرائيلي نفسه ستكون شائكة ومركّبة للغاية على ضوء كميات السلاح الهائلة المتوفرة في الشرق الأوسط والتعقيدات الشائكة في المنطقة. وفي وقت جرى القول فيه في الأعوام الأخيرة إن حالة الغليان السائدة في الوطن العربي والثورة السورية إلى جانب عدم الاستقرار صبّت في خانة انتهاء خطر الجيوش التقليدية على دولة الاحتلال وتحسين حالتها الاستراتيجية إلاّ أن تقديرات جيش الاحتلال تفيد بأن تعقيد الوضع الإقليمي بات شائكا إلى درجة لا يمكن معها توقّع التطوّرات القادمة وإنما فقط محاولة ترسيم خطوط عامّة وتحديد مفترقات رئيسية لقرارات مفصلية. ووفقا للاعتقاد السائد في جيش الاحتلال فإن العوامل الرئيسية الخمسة المؤثّرة بالوضع في المنطقة للعام 2016 تتمحور في التدخّل الرّوسي في سوريا والاتّفاق النووي مع إيران ونشاط (داعش) والتغييرات الجارية في السعودية والانتفاضة الفلسطينية والتوتّر المرافق لها في الساحة الفلسطينية وإن كان تأثير الأخيرة معدوما على نطاق المنطقة ككل رغم أهميته . * ملامح حرب كبرى اللاّفت أنه في ظلّ هذه التقديرات ما يزال هناك نوع من البلبلة في الجانب الصهيوني في تحديد ملامح وتدريج مُتّفق عليه إسرائيليا لمكامن الخطر المباشر الذي يهدد أمن الاحتلال. في هذا السياق تشير (يسرائيل هيوم) إلى خطاب رئيس أركان جيش الاحتلال غادي أيزنكوت أمام مؤتمر أبحاث الأمن القومي الشهر الماضي عندما اعتبر أن (حزب اللّه يشكل مصدر الخطر الأساسي على الاحتلال) إلى جانب تحديد الساحة الفلسطينية في الأراضي المحتلّة باعتبارها تُشكّل التحدي الأول للكيان خصوصا وأنه لا يمكن الركون إلى حلّ عسكري في الساحة الفلسطينية خلافا للوضع في حالة حزب اللّه. ووفقا للتقديرات الصهيونية فإنه على الرغم من احتمالات التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في سورية مثلا إلاّ أن الامتحان الحقيقي لهذا الاتّفاق سيكون في إمكانية تطبيقه وفرضه على الأرض. وتفيد التقديرات العسكرية بأنه لا يمكن إعادة سورية إلى ما كانت عليه قبل الثورة. في هذا السياق ومع الحديث عن تحوّلات في الموقف الصهيوني المعلن من الأزمة في سورية فإن الجيش يجد صعوبة في تحديد من الأفضل للاحتلال تنظيم (الدولة الإسلامية.. داعش) أم المحور الإيراني. ومع أن دولة الصهاينة تعلن أنها لن تعارض القرار الأممي بمحاربة (داعش) إلاّ أنها تتخوف من خروج المحور الإيراني أقوى ممّا كان عليه. وكانت تصريحات نارية قد صدرت الأسبوع الماضي عن وزير الأمن موشي يعالون بيّنت أن إسرائيل تتجه في المرحلة الحالية إلى محاولة تكريس حالة الحرب في سورية وتفضيل خيار التقسيم لصالح إقامة دولة (سوريا المفيدة) بما يضمن تبديد أيّ خطر مستقبلي يمكن أن تشكّله الجبهة السورية عبر إدخال سورية في حالة من القتال المستمر بين مختلف الجهات و(الأقاليم السورية) في حرب استنزاف طويلة ومستمرّة.